آفاق الاخبارية –
ليس سرا أن الأردن حقق مكسبا كبيرا عبر رفضه تجديد ملحقي الباقورة والغمر ضمن اتفاقية وادي عربة، والذين ينصا على تأجير هذه الأراضي الأردنية لمدة خمسة وعشرين عاما. وفي زمن الهوان والذل العربي بات من النادر جدا أن تجد نظاما عربيا يتجرأ على معاندة إسرائيل وتحدي نتنياهو حتى وإن كان ذلك في إطار حقوق ثابتة لا تقبل اللبس او التأويل.
ولعل الأردن من خلال استعادة الباقورة والغمر وفرض سيادته الكاملة عليهما بعث برسالة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي بأن الأردن قادر على الممانعة وهو سيد قرار نفسه بما يكفي لرفض أي حلول أحادية ضمن ما كانت تعرف بـ”صفقة القرن”، لا سيما في الشق المتعلق بأحلام الوطن البديل وإسقاط الوصاية الهاشمية عن المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة.
إن كل ما تقدم ذكره كلام جميل من حيث المبدأ، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل، فالملف برمته ينطوي على ألغام سياسية وأخرى حقيقية على غرار تلك التي جرى تفكيكها في قرية هرقلة ومناطق أخرى من الأردن.
فأما الألغام السياسية فتتمثل بأوكازيون تطبيعي محتمل قد يحول تلك المنطقة إلى اكبر سوق صهيونية داخل الأراضي الأردنية بحجة الاستثمارات الإسرائيلية السابقة فيها، فالأمر لم يقتصر على السماح للمزارعين الإسرائيليين في منطقة الغمر بحصاد ما تمت زراعته قبل القرار، بل إن الحكومة اعطت الصهاينة حق الاستثمار هناك من خلال تأشيرات دخول، مؤكدة احترامها لما أسمته “حقوق الملكية الخاصة للإسرائيليين في منطقة الباقورة”.
علما أن فرض السيادة الكاملة على الأرض المستعادة يعني بالضرورة منع الإسرائليين من التملك هناك بموجب قانون الملكية العقارية رقم 13 لسنة 2019 المادة 133 والتي تحظر على الأجانب تملك العقارات في المناطق الحدودية والأثرية والتاريخية.
كل ما تقدم قد ينزع الدسم من سيادية القرار الاردني التاريخي القاضي بإيصال رسالة صاخبة للصهاينة مفادها بان الأردن ليس للإيجار ولا للبيع، والأولى والأجدى ان يتم تعويض الصهاينة المتملكين لأراض في تلك المنطقة تعويضا عادلا، ومن ثم طردهم مذمومين مدحورين.
واما الألغام الحقيقية فهي واقع عدواني محتمل وليس بجديد على بني إسرائيل، حيث اعلن الجيش العربي عام 2014 تفكيك أجهزة تنصت إسرائيلية قديمة متصلة بمتفجرات في (خربة هرقلة) شمالي البلاد بعد نحو ربع قرن من السلام المزيف مع كيان لا يضمر الخير للأردن،
فما لذي يمنع من وجود مواد كهذه في الباقورة والغمر؟! الشيء الذي يجب أن يدفع الدولة لاتخاذ التدابير الكفيلة بتطهير تلك المنطقة من أي أخطار افتراضية ومحتلمة.
نور على الحقيقة