الجيش والأمن العام 92 ٪

مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية؛ وبعد دراسة مسحية أجراها مؤخرا، أظهرنتائجها نسبا مهمة، تتعلق بمدى ثقة الناس ببعض المؤسسات الأردنية، واحتل الجيش والأمن العام المركز الأول بين هذه المؤسسات التي نالت وتنال ثقة الأردنيين، حيث نالتا 92 ٪ من ثقة العيّنة ..

شخصيا لم أتفاجأ بهذه النسبة وهذه الثقة، بل إنني مهتم الآن بال 8 ٪ المتبقية من العينة، ليه هالراي يا جماعة الخير؟.

الجيش والمؤسسات الأمنية كلها، هي الأم الرؤوم بالنسبة للأردنيين، ومهما اشتدت الظروف قسوة أو الظلام حِلكة، فالأمن وثقافته وأخلاقه وجهوده ونزاهته، تبث الطمأنينة في نفوس الشعوب، لا سيما حين نتحدث عن المملكة الأردنية الهاشمية وشعبها، وليس جديدا القول بالنسبة لي: إنني أثق بالعسكر كلهم أكثر من السياسيين، وأرتاح في التعامل معهم أكثر مما أرتاح بالتعامل مع كل الجهات الأخرى المكونة لنسيج الدولة الأردنية مع احترامي لهم جميعا، ومما زادني اقتناعا بصواب وجهة نظري، ما جرى في جهاز الأمن العام على وجه التحديد، حيث تتراكم جهوده وتتضح للأردنيين يوما بعد يوم، وكان المتوقع وقياسا على تجارب عربية وغيرها، أن السنوات الأخيرة ستقوض العلاقة بين الناس والأمن العام أو تعرضها للتقهقر، لكن الذي حدث مخالف لكل تلك التوقعات ومخالف لنتائج تجارب الشعوب الأخرى لا سيما العربية منها.

حوادث فردية في بعض الدول يكون طرفها فرد أو ضابط تابع لجهة أمنية، أطاحت بأمن تلك الدول، وهي تجارب حدثت حرفيا مع كل أسف في دول عربية، بينما هذا لا يحدث في الأردن على الرغم من أن جهات كثيرة بذلت جهودها كي يحدث، ويتم تعميم الفوضى وغياب القانون في المجتمع الأردني، لكنهم خابوا، بل لاحظنا أن العلاقة أصبحت أكثر متانة من ذي قبل، ولعل الصورة التي قدمتها الأجهزة الأمنية الأردنية على وجه العموم في العامين الماضيين، أذهلت المتابعين الخارجيين المتوازنين والآخرين الذين لا يريدون للأردن أمنا واستقرارا..

كان عام 2018 و 2019 أكثر الأعوام التي شهدت احتجاجات شعبية، وقد صدرت إحصائيات وأرقام حول عدد هذه الفعاليات، ولم يتم تسجيل حالة واحدة تستحق الذكر، من اعتداء أو خلاف طرفه رجال أمن أو تسجيل أخطاء أمنية في التعامل مع الناس الذين يمارسون احتجاجاتهم السلمية القانونية، بل على العكس تماما، نشاهد اليوم متظاهرين يخاطبون رجال الأمن في مواقع الحدث بكل ودّ، ويتبادلون الاحترام على مرأى من الاعلام والناس، وهذه ثقافة جديدة، نمت وترسخت مع هذه المناسبات الشعبية، وبات المواطن على الأغلب يعرف حدوده، ورجلالأمن أيضا يلتزم حرفيا بالتعليمات العملياتية والميدانية وبالقانون ولا يتخلى عن الأخلاق، فيقوم بواجبه بطريقة ترضي الجميع، وتحول دون تخريب هذا المظهر المتحضر الذي قلما تجده حتى في أكبر الديمقراطيات، وقد تابعنا التعامل المتبادل بين المتظاهرين و رجال الأمن في أوروبا، فالتمترس بالحرفة المهنية الأمنية، أمر قد لا يتناسب وطبيعة الثقافة الأردنية، حيث يدرك كل الناس بأن الذين يرتدون هذا الزي العسكري هم أبناؤهم وأخوانهم، ولا يمكن أن يكونوا أعداءهم أو حتى مناكفين لهم في مساعيهم الاحتجاجية.

عملنا في الصحافة أتاح لنا إطلالة استثنائية على المشهد العام، نستطيع القول معها بأن بلدنا بخير ما دام العسكر بخير، وأن الرصيد الحقيقي الذي يركن إليه الأردنيون هو العسكر وإنسانيتهم والتزامهم الأخلاقي بواجبهم..ثقافة تتعزز يوما بعد يوم، ويقدمها رجالات الأمن العام على وجه التحديد بطريقة بسيطة مفهومة، فهم الأكثر احتكاكا بالمواطن، وهم الأكثر خبرة في التعامل معه ومع حزمة قوانين تحكم عملهم.

Scroll to Top