الرقابة المالية آلية لحماية المال العام… المؤتمر الدولي حول دور البنوك الاسلامية

آفاق الاخبارية –

تكتسي منظومة حماية المال العام في الإسلام أهمية خاصة ولا تقل أهمية عن منظومة تنمية الأموال العامة وأبواب استثمارها، حيث كرست الأنظمة الإسلامية آليات رقابة فعالة سابقة ولاحقة للإنفاق العام،وهذا حماية للمال العام من كل أشكال التجاوز والانحراف والتبديد والهدر،ولا تتحقق السياسة المالية في ظل التشريع الإسلامي إلا بتفعيل الرقابة وجعلها جزء لا يتجزأ من المنظومة المالية الإسلامية،لان النظام المالي الإسلامي الذي نشا في القرن السابع للميلاد(بإجماع كل الفقهاء والمختصين)نجده يضارع أحسن النظم الإسلامية التي ظهرت في العصر الحديث بل يتفوق عليها ليصبح أحسن نظام مالي عرفه التاريخ حتى الآن.

ويقول الدكتور خليفي عبد الرحمن ..من ناحية الموارد المالية فقد وضع ضوابط دقيقة عادلة لتقدير أوعية الزكاة ،ولتقدير الجزية والخراج والعشور، كما وضع دستورا للضرائب بارتكازها على المساواة والمقدرة والملائمة واليقين والاقتصاد في نفقات الجباية،كما فصل مالية الحاكم عن مالية الدولة،ويتبع الإسلام طريقتان في تقدير الدخل وفرض الضريبة كمورد هام لمالية الدولة ،وهي طريقة الإقرار وطريقة التقدير،ويقوم الإنفاق العام على أصول شرعية ،منها ترشيد الإنفاق،والاقتصاد فيه ، ولاحترام قواعد التحصيل وقواعد أو أبواب الإنفاق، استحدث نظام رقابي صارم لتحقيق أهداف السياسة المالية الإسلامية.

هذا الدور المهم والحساس الذي تقوم به الرقابة المالية استلزم إنشاء أجهزة إدارية تقنية مهمتها الأصيلة والأصلية الاضطلاع بالرقابة المالية السابقة واللاحقة على العمليات المالية،وهو ما استوجب التفكير الدائم في تقعيل دورها بإعطائها الصلاحيات الواسعة وتوفير الوسائل المادية والبشرية ، حتى تؤدي المهمة المنوطة بها على أحسن وجه، ومن ثم تحقق هدفين.. الأول هو حماية المال العام، والثاني.. توجيه الإنفاق لخدمة التنمية الوطنية والصالح العام.

إن توسع نشاط الدولة وكثرة مرافقها أعطى للرقابة المالية أهمية خاصة ،على مستوى النصوص ذات الصلة والجانب العضوي الخاص بالجهات التي تمارس هذه الصلاحية وحدود استقلاليتها وفعاليتها، أهمية المداخلة تكمن في التعرف على نظرة الإسلام للرقابة المالية والدور المنوط بها، وهل إستطاعت هذه المنظومة تحقيق غايات مالية مرجوة منها، لان المنظومة الاقتصادية كل متجانس ولا يمكن فصل جزء منها على الأخر

فحركية المصارف الإسلامية ونجاحها لا يتحقق الا في المناخ المناسب ،بمعنى أخر في جو اقتصادي إسلامي شامل، لان الترابط بين السياسة الاقتصادية والسياسة المالية وثيق.

اطرح الدكتور عبد الرحمن إشكالية تدور حول تساؤل مفاده:.. هل أن ما قرره النظام الإسلامي من تدابير لحماية المال العام ضمانة حقيقية أم ما كرسته القوانين الوضعية أكثر ملائمة وفعاليةوإذا كانت الإجابة تصب في تأكيد نجاعة المنظومة المقررة في النظام الإسلامي، ويبقى السؤال مطروحا حول الأسباب التي تدفع بنا إلى الاستغناء عنها والبحث عن الحلول و بدائل في الانظمة المالية والاقتصادية الوضعية الهشة؟.

Scroll to Top