الشباب …. والشيب ……؟

Husam28 مايو 2023آخر تحديث :
احمد ابودلو

احمدابودلو

قال تعالى : الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة، يخلق ما يشاء وهو العليم القدير .

الشباب مرحلة عزيزة على قلب كل انسان، قريبة من نفسه، تحفل بألوان البهجة والسرور، مليئة بأشكال مختلفة للسعادة والهناء والنشاط والمغامرة، حافلة بمختلف العواطف والانفعالات فإذا انقضت هذه المرحلة من حياة الانسان، تركت في النفس أسى، وأبقت في الروح حسرة… وتأتي مرحلة الشيخوخة التي تمتاز بالشيب والحديث عنه حديث طريف ، نجد به المتعة والمرح واحيانا الحزن والحسرة والحنين الى الشباب ، وهناك من احب الشيب وهناك من كرهه ومنهم من وجد فيه العظة الحسنة فكف عن لهوه وتأهب لملاقاة ربه ، ومنهم من اغرق في انتهاب لذاته بين وتر وطرب وراح وقيان متماديا في غيه لا يرءوي لنذير شيب ولا لقول ناصح .
وهناك الكثير من الشعراء الذين بكوا على الشباب ورحيله ، فنحن نعرف ان الشباب مرحلة عزيزة علينا وحبيبة لكل القلوب وهي حافلة بالوان البهجة والمرح ، وزاخرة باشكال السعادة والهناء ه ، وفيبها الكثير من المفارقات والعجائب ، وعندما تنقضي هذه المرحلة يدب فينا الحنين والشوق وتتسرب الينا اللوعة ونعيش الآسى وبالروح حسرة … عندما نشاهد القتير .. وهو أول ظهور الشعر الأبيض و يعتبر إيذاناً برحيل الشباب بأفراحه، وقدوم الشيب باتراحه ، فالشيب هو احد الاعراض المروعه التي تدهم الانسان فجأة او هكذا نتوهم فنجعله في هم مقيم وعذاب دائم ، ونروح نتلمس اسباب القضاء عليه او اخفاءه على الاقل . وليس هناك عاطفة اشد من الشاعر الذي يذكر أيام شبابه فيبكيها، ويتحدث عن ليالي صبّاه فيرثيها بعد أن شاهد ثلوج الشيب تزحف على رأسه معلنة حلول شتاء حياته، وذهاب الربيع بلا عودة، حيث يذرف الدموع مرارا ً على شبابه الراحل فهذا ابو العتاهية يذرف دموعه على رحيل شبابه فيقول :

بكيت على الشباب بدمع عيني
فلم يُغن البكاءُ ولا البخيبُ
فيا ليت الشباب يعود يوماً
واخبره بما فعل المشيب
وهذا شاعر آخر يتحدث عن الحزن الذي الم به بعد أن شاهد الشيب ورود مفرقيه، وأيقن أن أزاهير الشباب قد ذوت. وأن ورود الصبا قد ذبلت. ويسأل عن الشباب الضائع ويرسل الدمع مدراراً فيبكيه قائلاً:

أين الشباب؟ وأية سلكا لا أين يٌطلبُ؟ ضلَّ بل هكا
لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبكى
قد كان يضحك في شبيبته فأتى المشيبُ فقلما ضحكا
واول واهم ما يجب الحديث عنه في هذا الصدد هو الشيب المبكر الذي يحار الانسان في تفسير اسبابه ويعجز عن تحليله اذا كان في ريع الصبا وقمة الشباب ، والشيب المبكر قد يكون وراثيا او ناجم عن سبب واحد هو الغدد الصم ذات الافراز الداخلي كغدة الكظر على وجه الخصوص .
وترجع كثير من البحوث الحياتية الكيماوية اسباب ظهور الشيب إلى عوامل عدة نذكر منها، الشيخوخة والكبر، او الهم وتردي الحالة النفسية… أو إلى الوراثة، فقد يعلو الشيب رأس شاب نتيجة للمؤثرات البيولوجية المختلفة.
ونتيجة لعدم تكون مادة الميلانين ((Melanin يحدث بياض الشعر أو الشيب، وهذه المادة هي المسئوله عن لون الشعر والتي يتكون بواسطة الميلانوميت (Melanocgte) وهذه الأجهزة موجودة في بصيلة الشعر، وعدم تكون هذه الماده أما أن يكون مصحوباً بتغير في الطبيعة، أو الحالات المصاحبة لتأثير الأشعة السينية، أو حالات الحميات الشديدة. أو أن يكون غير مصحوباً بتغيراً في نمو الشعر أو تكوينه اي أن الشعر يكون سليماً كما يحدث في حالات البهاق، أو البياض.
وعندما يكبر الانسان في السن تضعف غدد صباغ الشعر ولا تفرز المادة اللازمة فيبيض الشعر .
وقد يُعجل في ظهور الشيب على الأنسان كثرة الهموم والأحزان، وإذا حلت به النكبات وضاقت به الدنيا، والمت به المصائب في شبابه، فيشيخ قبل أوانه. فمصادر الهموم كثيرة، فمن حرمان من الحب، إلى السجن الظالم، والنفس التواقة الطموحة إلى المجد. هذا وقد يكون الغرام والحب والهيام ولوعة الهوى وحرقة الجوى سبباً من أسباب المشيب، فاليأس باعث للهم، جالب للمشيب، يقول الشاعر:
وهيفاء بيضاء الترائب انجرت بشيبي فأبدت روعة وتعجباً
صنعت ليَ هذا الشيبُ ثم تجنبت في حرياً فمن جَنى وتجنبا
وقد يكون العصر الذي يعيش به الانسان عصر أزمات ليبعث على الحزن، ويُعجل في ظهور الشيب.

والشيب قاسم مشترك بين الانسان والحيوان والنبات ، ونقرنه لدى الانسان بتغير لون شعره الى ابيض ، وعند الحيوان يتحول لون شعره الى ابيض او احمر وغير ذلك ، وعند النبات اصفر او ابيض حتى يصبح هشميا تذروه الرياح ، وكل الحالات هذه ترتبط بالسن والشيخوخة ، والشيب هو الخاتمة لقصة الحياة ، وعادة تكون الخاتمة شأن كل النهايات مفجعة او سارة او ما بينهما ، وتفرض نفسها دائما فعلى من يحيا قصة الحياة اذا قدر له ان يختار واذا كان له رآى في احداثها ان يختار الخاتمة التي يرجوها ويترك الدنيا طيب الآثر وحسن الذكر

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه