“حماية الصحفيين” يرصد تغطية الإعلام لـجريمة “سيدة جرش”

 

آفاق الاخبارية

“حماية الصحفيين” يرصد تغطية الإعلام لـجريمة “سيدة جرش”

انحياز للضحية واهتمام بالمعالجة الحقوقية وغياب للجاني

أثارت حادثة اعتداء زوج على زوجته بفقئه عينيها موجة استياء من تلك الجريمة البشعة والغريبة على المجتمع الأردني؛ مما دفع بوسائل الإعلام للانحياز للزوجة الضحية، فيما انطلقت قطاعات من المجتمع المدني للتعبير عن رفضهم لتعنيف النساء.

فرضت تلك الجريمة نفسها على التغطيات الإعلامية ومتابعة قضيتها، وإظهار التعاطف المباشر مع الزوجة ضد الزوج الذي ارتكب تلك الجريمة أمام أطفاله، وزادت موجة التعاطف الإعلامي والشعبي مع الزوجة الضحية بعد أن ظهرت في فيلم فيديو وهي تروي حكايتها بالرغم من آراء ترى أن هذا الفيديو يُشكل انتهاكا لخصوصية المرأة.

 

عينة الرصد والتوثيق

ارتأى فريق الرصد والتوثيق في مركز حماية وحرية الصحفيين رصد وتوثيق ما نشرته وسائل الإعلام في عينة الرصد المعتمدة لدى الفريق والتي تمثل 4 صحف يومية هي “الغد، والرأي والدستور، والأنباط، وعشرة مواقع الكترونية هي عمون، وجو24، وجفرا، ورؤيا، وسرايا، وسواليف، ومدار الساعة، والبوصلة، والسبيل ورم.

النطاق الزماني لعملية الرصد:

وحدد فريق الرصد النطاق الزمني للتوثيق والرصد بدءا من صباح يوم 8/11/2019، وحتى نهاية مساء يوم 14/11/ 2019.

النتائج:

تم رصد وتوثيق 66 مادة منها 14 مادة مكررة في الصحف اليومية وتمثل ما نسبته (21.2%) من إجمالي المواد التي تم رصدها مقابل 52 مادة في الصحف الإلكترونية وتمثل ما نسبته (78.8%) من إجمالي المواد التي تم رصدها.

وبوضح الجدول لرقم (1) عدد ونسبة توزيع تلك المواد على وسائل الإعلام في عينة الرصد:

جدول رقم (1) يوضح توزيع ونسبة المواد الصحفية على وسائل الإعلام في عينة الرصد

للفترة من ( 8ـــ 14/11/2019)

رقم المؤسسة عدد المواد النسبة %
1 سرايا 9 13.6 %
2 رؤيا 7 10.7 %
3 الغد 6 9.1%
4 سواليف 6 9.1 %
5 مدار الساعة 6 9.1 %
6 رم 6 9.1%
7 جو 24 5 7.6 %
8 الدستور 4 6.1 %
9 السبيل 4 6.1 %
10 الرأي 3 4.5 %
11 عمون 3 4.5 %
12 جفرا نيوز 3 4.5 %
13 الأنباط 2 3.0 %
14 البوصلة 2 3.0 %
المجموع 66 100 %

 

أولا: المعايير المهنية والحقوقية والقانونية:

1 ــ المصادر المعرفة:

يقصد بالمصادر المعرفة تلك المصادر واضحة الهوية والأسماء والمكانة والوظيفة ومدى ارتباطها بالحدث، وعلاقتها به.

واعتمدت وسائل الإعلام في عينة الرصد على المصادر المعرفة في 51 مادة وبنسبة بلغت (77.3%) مما يشكل تراجعا واضحا في الاعتماد على المصادر المعرفة قياسا بالتقارير السابقة.

2-المصادر المجهولة:

يقصد بالمصادر المجهولة نقل المعلومات عن مصادر غير معرفة مجهولة الهوية تماما ومبهمة بدون إظهار علاقتها بالحدث.

وبلغ عدد المواد التي اعتمدت على مصادر مجهولة 15 مادة تمثل ما نسبته (22.7%) وهي نسبة مرتفعة قياسا بنتائج رصد سابقة.

3 ــ تعددية المصادر:

يقصد بتعددية المصادر اعتماد المادة على مصدرين فأكثر لاستقاء المعلومات واستكمالها وتوضيحها.

ولجأت وسائل الإعلام في عينة الرصد إلى استخدام تعددية المصادر في 23 مادة مكررة فقط، وقد ساهم تقرير نشرته جريدة الغد عن فقء عيني سيدة جرش وتكرار نشره في الصحف الإلكترونية من رفع هذه النسبة، وهو التقرير الذي ساهم أيضا في رفع نسبة الاعتماد على تعددية الآراء وعلى المعالجة القانونية والحقوقية[1].

4 ــ تعددية الآراء:

يقصد بتعددية الآراء عرض رأيين مختلفين فأكثر في المادة الواحدة، وقد سجل فريق الرصد والتوثيق نشر 11 مادة تضمنت تعددية في الآراء.

5 ــ المعالجة الحقوقية والقانونية:

نقصد بالمعالجة الحقوقية والقانونية إما الاستعانة بخبير قانوني، أو استخدام المعاهدات والاتفاقيات الدولية، أو الاستشهاد بسند قانوني أو حقوقي.

ولعل أبرز النتائج اللافتة للانتباه أن وسائل الإعلام في عينة الرصد ولأول مرة منذ انطلاق مشروع الرصد والتوثيق الأسبوعي في مطلع شهر حزيران الماضي تولي وسائل الإعلام في عينة الرصد اهتماما بالمعالجة القانونية والحقوقية في تغطياتها للحادثة إذ سجل فريق الرصد نشر 16 مادة تضمنت المعالجة القانونية والحقوقية جاء معظمها في سياق توضيح الموقف القانوني للزوج المعتدي على زوجته.

ويوضح الجدول رقم (2) تصنيف المواد حسب المعايير المهنية والحقوقية

جدول رقم (2) تصنيف المواد حسب المعايير المهنية والقانونية في تغطيات حادثة سيدة جرش
المؤسسة عدد مصدر معرف مصدر مجهول تعدد المصار تعدد آراء معالجة قانونية أو حقوقية
الغد 6 5 1 3 2 1
الرأي 3 3 0 1 0 0
الدستور 4 3 1 0 0 1
الأنباط 2 2 0 2 0 0
عمون 3 2 1 1 0 1
جو24 5 4 1 3 1 1
جفرا 3 3 0 1 1 1
رؤيا 7 5 2 2 1 2
سرايا 9 6 3 4 3 5
سواليف 6 4 2 2 1 1
مدار الساعة 6 4 2 1 1 1
البوصلة 2 2 0 1 0 0
السبيل 4 4 0 0 0 0
رم 6 4 2 2 1 2
المجموع 66 51 15 23 11 16

 

ثانيا: توزيع المواد على الفنون الصحفية:

1 ــ الخبر:

اعتمدت وسائل الإعلام في عينة الرصد على التغطية الخبرية بالدرجة الأولى للحادثة وتفاصيلها من خلال رصد وتوثيق 35 خبرا تمثل ما نسبته (35%) من إجمالي التغطيات.

2 ــ البيان:

اعتمدت وسائل الإعلام في تغطيتها للحادثة عل بيان واحد مكرر أعيد نشره 5 مرات مكررة وبنسبة (7. 6%).

3 ــ المقال:

بلغ عدد المقالات التي رصدها 9 مقالات مكررة تمثل ما نسبته (13.6%) من إجمالي المواد التي رصدها، وتكشف هذه النسبة عن عدم معالجة هذه الحادثة شكل واسع من قبل كتاب مقالات الرأي في وسائل الإعلام في عينة الرصد.

4 ــ التصريح الصحفي:

من بين جميع وسائل الإعلام في عينة الرصد البالغ عددها 14 وسيلة إعلامية فإن وسيلتين إعلاميتين فقط اعتمدتا على التصريحات الصحفية الخاصة بهما ومن خلال 4 مواد بواقع مادتين لكل منهما، بينما لم تلجأ باقي وسائل الإعلام للحصول على تصريحات صحفية خاصة بها من مسؤولين أو ممن لهم علاقة مباشرة بالحادثة.

5 ــ التقرير:

بلغ عدد التقارير المكررة التي تم رصدها 13 تقريرا مكررا وبنسبة (19.7%) جاء معظمها تكرارا لتقرير جريدة الغد الذي أشرنا اليه سابقا، وقد أدى تكرار نشره إلى رفع عدد ونسبة التقارير الصحفية لدى عينة الرصد.

ويوضح جدول رقم (3) النسبة الإجمالية لعدد المواد الموزعة على فنون العمل الصحفي ونسبتها.

جدول رقم (3) توزيع المواد على فنون العمل الصحفي ونسبتها في تغطيات حادثة سيدة جرش
1 خبر 35 53 %
2 تقرير 13 19.7 %
3 مقال 9 13.6 %
4 بيان 5 7.6 %
5 تصريح 4 6.1 %
  المجموع 66 100 %

يوضح جدول رقم (4) توزيع المواد على فنون العمل الصحفي لدى عينة الرصد:

جدول رقم (4) يوضح توزيع مصادر وفنون العمل الصحفي التي اعتمدتها الصحافة في التغطية حادثة سيدة جرش
مؤسسة عدد بيان مقال خبر تقرير تصريح
الغد 6 0 2 2 2 0
الرأي 3 0 1 2 0 0
الدستور 4 0 1 3 0 0
الأنباط 2 0 0 2 0 0
عمون 3 0 0 3 0 0
جو24 5 0 1 3 1 0
جفرا 3 0 0 2 1 0
رؤيا 7 1 0 2 2 2
سرايا 9 1 0 4 2 2
سواليف 6 1 0 4 1 0
مدار الساعة 6 1 2 1 2 0
البوصلة 2 0 0 2 0 0
السبيل 4 1 2 1 0 0
رم 6 0 0 4 2 0
المجموع 66 5 9 35 13 4

ثالثا: اختبار المصداقية:

1 ــ مصداقية المصادر:

ظلت مصداقية المصادر التي اعتمدتها عينة الرصد في تغطيتها للحادثة واضحة بالرغم من العديد من عينة الرصد لجأ إلى نشر أخبار وتقارير مجهولة المصادر تماما.

إن ظهور السيدة المجني عليها في تسجيل فيديو وهي تتحدث عن قصتها قد أدى إلى تأكيد الرواية وإثارة التعاطف معها على المستويين الشعبي والإعلامي.

لجأ عدد من المواقع لنشر فيديو يظهر فيه شخص يقول إنه أخ شقيق للجاني وإنه يتبرأ منه ومن عمله، وقد تم نقله عن الفيسبوك إلا أن الوسائل الإعلامية التي نشرته لم تتأكد من مصداقية هذا التسجيل، ولم تسأل إن كان من يتحدث هو نفسه الأخ الشقيق للجاني أم لا؟

ولاحظ فريق الرصد أن عددا من المواقع الإلكترونية التي أعادت نشر تقرير جريدة الغد باعتباره ملكية خاصة بها متجاهلة حتى الإشارة إلى المصدر أو حتى اسم كاتبته، مما أدى إلى تقديم معلومات مضللة للجمهور بتجاهل المصادر وتجهيلها؛ بالرغم من أن من حق الجمهور معرفة مصادر المعلومات التي تقدم إليه.

ولاحظ فريق الرصد أن معظم وسائل الإعلام نشرت تقريرا مجهول المصادر تماما يزعم أن الأردنيين يطالبون بتطبيق مبدأ العين بالعين على الزوج، ويلجأ التقرير إلى الاستعانة بـ الفيسبوك لكنه يتجاهل الأسماء ولا يقدم للجمهور أي مصدر مما يوقع الجمهور في الخديعة.

2 ــ التحيز:

وجدت وسائل الإعلام في عينة الرصد نفسها منحازة في تغطياتها للزوجة الضحية التي عرفت بـ “سيدة جرش” بسبب ما تعرضت له؛ مما دفع بعينة الرصد للتركيز في التغطيات على المرأة الضحية، وأظهرتها في تسجيل فيديو نشرته وكالة عمون، ثم المقابلة الصحفية التي أجرتها معها جريدة الغد لتقديم رواية من طرف واحد لإظهار حجم الألم والعذاب الذي تعرضت الزوجة له مما أثار كل هذا التعاطف الشعبي الكبير معها ومع عائلتها.

لم تولي وسائل الإعلام في عينة الرصد الجاني أي اهتمام، مكتفية بالبحث في موقفه القانوني ونوع القضية والاتهامات التي اتهمه بها المدعي العام، فيما ظهر الخلاف بين سنوات السجن التي سيحكم بها وهل هي 3 سنوات أم 15 سنة، وما هو الحكم العشائري في هذه القضية.

لم تسأل وسائل الإعلام في عينة الرصد عن الجاني، ولم تقدم عنه أية معلومات، لم تسأل أصدقائه عنه وعن سلوكه وعن مشاكله؟ ولم تذهب لمكان إقامته للتأكد من سلوكه ورأي الناس فيه قبل إقدامه على الاعتداء على زوجته؟ بالرغم من أنه كان بإمكانها فعل ذلك وتقديم تقارير وقصص صحفية لا تقل أهمية عن تسجيلات الفيديو التي نشرت للزوجة، مما يؤكد قاعدة أن التغطيات الصحفية لا تزال تعتمد على التغطيات الجاهزة والمتوفرة دون أن تقوم وسائل الإعلام بإعداد ونشر تقارير خاصة بها.

3 ــ الموضوعية:

ان الانحياز للزوجة الضحية ربما أضعف اهتمام وسائل الإعلام باستكمال عناصر مهنية ضرورية، وهذا ما بدى واضحا في مجمل التغطيات التي تم رصدها، فقد غاب الجاني تماما عن التغطيات كما أشرنا سابقا.

لاحظ فريق الرصد تداخل المعلومات والوقائع بالعواطف في التغطية، بل ذهبت مواقع إلكترونية لنقل تقرير اعتمد على عواطف كاتبه دون أن يشير فيه إلى أي مصدر حتى وهو ينقل عن الفيسبوك، قائلا إن الأردنيين يطالبون بتطبيق عقوبة العين بالعين على المتهم دون أن يذكر جهة أو اسم واحد، ومع ذلك تناقلته العديد من وسائل الإعلام وأعادت نشره مما؛ أفقد الموضوعية أحد أهم شروها المتمثلة بالفصل بين المعلومات والوقائع والتخيلات والتمنيات والآراء والعواطف الشخصية.

4 ــ الاكتمال والشمولية:

ظهرت معظم التغطيات منقوصة أمام الجمهور، فالكثير من المواد لم تجب عن الأسئلة الرئيسية الكاشفة (من، متى، اين، كيف، ماذا، لماذا)، وفي المواد التي اكتملت فيها هذه العناصر فقد تم عرضها من جانب واحد وبرواية واحدة ظلت الضحية هي صاحبتها.

وبالرغم من لجوء البعض من عينة الرصد بالاعتماد على استخدام الخلفيات إلا أنها ظلت خلفيات مجتزأة وغير مكتملة، فضلا عن أن بعضا من عينة الرصد لم يستخدم تقديم خلفيات مكتملة وشاملة للجمهور.

لم تسأل وسائل الإعلام عن اختفاء الزوج، وأين ومتى تم القبض عليه؟ وهل قام بتسليم نفسه بنفسه؟ وتجاهلت وسائل الإعلام في عينة الرصد سؤال جيران السيدة كيف عرفوا بما تعرضت له وكيف تم إسعافها؟ ولم يسألوا ذوي الزوج عن حالة أبنائه قبل إعادتهم إلى أمهم؟ وهل يذهبون للمدرسة أم لا؟ ولم يسألوا ذوي الزوجة عن الأسباب التي منعتهم سابقا من نصرة ابنتهم والدفاع عنها خاصة أنها قالت إنها تعرضت للتعنيف والضرب أكثر من مرة وكان أهلها يعيدوها لزوجها…الخ؟

5 ــ الدقة والعمق والمتابعة:

ظل معيار الدقة والعمق والمتابعة منقوصا في تغطيات حادثة سيدة جرش، فلم تقم وسائل الإعلام في عينة الرصد بمتابعة الحادثة بكامل تفاصيلها وحيثياتها، ولم تقدم ــ كما أشرنا سابقا ــ رواية مكتملة وحيادية، مكتفية برواية الضحية ونشر صورها المؤلمة، ثم تصريحات المحامية التي أعلنت عن لقاء الأطفال بأمهم وإعادتهم إليها دون أن تلجأ وسائل الإعلام م في عينة الرصد لتوثيق هذا اللقاء أو تقديم رواية أخرى موازية لرواية المحامية.

يسجل لجريدة الغد ووكالة عمون مبادرتهما بالاتصال المباشر بالضحية ووضع قصتها بلسانها أمام الجمهور وهو عمل صحفي مميز، إلا أنه كان ينقصه تقديم قصة أوسع عن حيثيات القضية والخلاف ولماذا قام الزوج بهذا العمل الذي ربما يكون غير مسبوق في الأردن وقد أشارت إلى ذلك صحيفة إلكترونية واحدة؟

[1] ــ تقرير (“تحملت عشان الولاد”.. أبو عكليك تروي حكاية عنف أسري انتهى بفقء عينيها) الذي نشرته جريدة الغد للصحفية نادين النمري.

Scroll to Top