تضخم وركود في آن واحد للقارة العجوز وأمريكا الشمالية

المستشار الاقتصادي الدكتور محمد عبدالستار جرادات

في حيثيات حيرت الكثير من الخبراء الإقتصاديين والمحللين الماليين؛ تعاني كل من بريطانيا وأوروبا عامة والولايات المتحدة من استمرارية ارتفاع معدلات التضخم رغم رفع أسعار الفائدة المتكرر. يأتي ذلك في ظل عوامل أخرى عن زيادة القوة الشرائية للأفراد، كقلة الموارد المعروضة في الوقت الراهن، ومخاوف الأفراد والمؤسسات من الإنخراط في شتى الإستثمارات، حيث يعاني العالم اليوم من ارتباكات سياسية في مختلف القارات والدول، كما أن إنهيار القطاع المصرفي أربك الأسواق عامة والأسواق المالية خاصة.

بعد أزمة السيولة في الأنظمة المصرفية الأمريكية والأوروبية، عقدت خمسة بنوك مركزية رئيسية اجتماعاتها الأسبوع الماضي. وكانت الأسواق تتساءل عن مدى رؤية البنوك المركزية لحالة عدم اليقين في هذا القطاع. حيث قرر البنك الأوروبي رفع الفائدة الأساسية على كافة الأدوات النقدية بمقدار 50 نقطة أساس، وأصدر كذلك البنك السويسري قراره برفع 50 نقطة أساس أيضا! جاء القرار بعد إنهيار بنك كريديت سويس. أما الفيدرالي الأمريكي وبنك إنجلترا والبنك المركزي الأسترالي، أصدروا القرار برفع 25 نقطة أساس، كما كان متوقع للأسواق. إذ أن الأولوية اليوم بحسب التصريحات الرسمية لكل منها هو تخفيض التضخم إلى مستويات 2%، وأن الزيادات في المستقبل واردة في حال عدم استقرار الأسعاروالمؤشرات المعتمدة لقياس التضخم.

من جهة أخرى، أعلنت وزيرة الخزانة الأمريكية، يلين، أنه لن يتم تغطية جميع الودائع المصرفية في الولايات المتحدة بالتأمين! أحيا هذا البيان القلق من أن الأزمة قد تتصاعد إذا زاد معدل فقدان السيولة في البنوك التي تعاني بالفعل من صعوبات. أيضا، أشار ملخص إجتماع جيروم باول يوم الأربعاء الماضي، الذي يعكس التصريحات التي أدلى بها العديد من المسؤولين خلال الأسابيع العديدة الماضية، إلى زيادة طفيفة في أسعار الفائدة في الاجتماعات القادمة. حيث تتوقع الأسواق على نطاق واسع أن تتنحى لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية عن رفع الفائدة لأكثر من 25 نقطة أساس في الإجتماعات المقبلة، بعد أربعة ارتفاعات متتالية قدرها 0.75 نقطة مئوية. إذ تشير مجموعة جديدة من التوقعات الاقتصادية التي نشرها بنك الاحتياطي الفيدرالي (المخطط النقدي) إلى أن أسعار الفائدة ستبلغ ذروتها عند 5.1% هذا العام.

على الرغم من التلميح إلى أن هناك تحركات أصغر في المستقبل، إلا أن المسؤولين قالوا إنهم لا يزالون لا يرون مؤشرات تذكر على انحسار التضخم. ومع ذلك، أعرب بعض أعضاء اللجنة عن قلقهم بشأن المخاطر التي يتعرض لها النظام المالي إذا استمر بنك الاحتياطي الفيدرالي في المضي قدما بنفس الوتيرة القوية.

قالت ديان سونك، كبيرة الاقتصاديين في KPMG: “المحصلة النهائية هي: تشديد شروط الائتمان، والبنك الاحتياطي الفيدرالي يقر بذلك، ولكنه يسعى أن يكون معدل التهدئة بطيئا. الفيدرالي لا يريدون تجميدا عميقا، وهذا يزيد من فرص سقوط الاقتصاد في حقبة جليدية”.

حفظ الله الأردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه.

Scroll to Top