رمضان … ومفاهيم خاطئة ..؟

Husam28 مارس 2023آخر تحديث :
رمضان … ومفاهيم خاطئة ..؟

احمد ابودلو

شهر رمضان … شهر الصوم والعبادة والخيرات، شهر الرحمة والمغفرة ، وللصيام احكام وفائد كثيرة على ا لنفس والجسم ، وسيظل العلم والطب يثبتها ويؤكدها اليوم تلو الاخر ، ولن يستفيد الصائم من صومه استفادة كلية الا اذا تخلص من بعض المفاهيم الخاطئة التي اعتاد عليها بعض الصائمين ، والتي لا تمت للصوم بأي صلة ، ولا تتناسب مع سلوكيات المسلم الحضاري . فالصوم مدرسة تتم بالتربية الايمانية بممارسة عملية للصائمين انفسهم طلية شهر رمضان بكامله يتدربون فيها على الايمان والمثل علما وعملا يجدون في الصوم دروسا غالية يتعلمون منها الكثير .
وفي الصوم يتدرب الانسان على تقوى الله تعالى لان الصوم يكف جماح الشهوات التي هى اكبر دافع على تعدي حدود الله كما ان الصوم الحقيقي هو الذي يقترن بالاداب والفضائل ويجانب كل الرذائل وتلك هى حقيقة التقوى التي هى اجتناب ما يسخط الله والاقبال على ما يرضي الله من الاعتقادات والاقوال والافعال وفي ذلك يقول رسول الله (ص) الصيام جنة من النار فمن اصبح صائما فلا يجهل يومئذ وان امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه وليقل اني صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك . رواه النسائي
فالصوم خير مدرب للارادة وخير معلم للصبر ، والصبر مدرسة يعد فيها الرجال ويجعلهم يألفون الشدائد وتحملها قي سبيل كل نجاح وفلاح وما قامت اي حضارة وما احرز اي تقدم وازدهار الا بالرجال الصابرين على المحن التي تعترض طريق النهضة . وصدق الشاعر اذ يقول :
والصبر مثل اسمه مر مذاقته لكن عواقبه احلى من العسل
ولذلك قيل في تعريف الصبر هو تعويد النفس الهجوم على المكاره ، وقال علي – كرم الله وجهه – الصبر مطيه لا تكبو.
مفاهيم خاطئة :
من الاخطاء ان البعض يظنون ان الصائم يكون مرهقا ومتعبا اثناء النهار ، ولا يقدر على القيام بعمله على الوجه الاكمل ، وهذا مناف تماما لما بينته السنة النبوية المشرفة ، فالاقتصار على وجبتي الافطار والسحور بدون اسراف يعطي الجسم كل متطلباته الغذائية ، وبالتالي يمنح الجسم الصحة والنشاط فلا يحدث له ضعف اثناء النهار ولا اعياء وارهاق ، وصدق الله العظيم اذ يقول : ((وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين)) .
والاسراف يعود بالضرر على المجتمع صحيا وماليا ، والصوم يصلح الجسم ولا برهق ميزانية الاسرة ، اما شعور الصائم بالضعف والاعياء اثناء النهار فالسبب هو البعد عن هدي السنة النبوية في اداب الصوم ، لانهم يقضون الليل في تناول انواع الحلوى وصنوف الطعام في اسراف . وكذلك لا يعطون ابدانهم حقها من النوم بسبب الزيارات والحفلات الليلية وبعدهم عن ذكر الله تعالى في شهر رمضان شهر القرآن والصوم .
وهناك من يزعم ان الصوم يسبب التوتر العصبي اثناء النهار ، وهذا ليس صحيحا لان الصوم يؤدي الى راحة اجهزة الجسم ، وبالتالي الى هدوء الاعصاب واستراخها والى السعادة النفسية ، لان الصوم حرمان للجسم من الغذاء ولكنه بنفس الوقت غذاء للنفس والروح ليلا ونهارا . والتوتر العصبي الذي يشعر به الصائمون انما هو بسبب تعاطي القهوة والشاي والتدخين لانه يمتنع عنها نهارا ويأخذها ليلا مما يؤدي الى حدوث الاثار الانسحابية للمواد الادمانية ، وبالتالي حدوث التوتر العصبي الذي لا يزول الا بتناول جرعة من المواد الادمانية .
. وهناك الكثير في زماننا هذا لا يتبعون هذه السنة النبوية المشرفة ، وحولوا شهر رمضان الى شهر المآدب والطعام والاسراف في تناول الاكل والشرب فكثير من الصائمين يندفعون الى تناول قدر كبير من الطعام اكثر مما يطيق الجهاز الهضمي ودخول كمية كبيرة من الطعام في وقت وجيز في معدة خالية يشبه حالة ((تناذر الاغراق )) التي يعرفها الاطباء والتي تؤدي الى هبوط ضغط الدم ، الامر الذي يسبب الشعور بالخمول والضعف بعد وجبة الافطار ، ويحاول الانسان في هذه الحالة ان يحل المشكلة بالقهوة او الشاي والتدخين فيزداد الجسم فتورا ويزداد خمولا ، والوقاية من كل هذه المشكلات الصحية تجنب الاسراف في طعام الافطار كما تعلمنا من السنة النبوية المشرفة . ومن الاخطاء التي يقع فيها الصائمون المبالغة في الصيام حيث تأخذهم العاطفة الدينية فلا يتناولون افطارهم الا بعد صلاة المغرب، ويظل صائما وهو لا يعرف ان الرسول صلى الله عليه وسلم يحث على تعجيل الفطور ثم الصلاة ، ولا يعني التعجيل هنا الاقبال على الافطار قبل تحقق غروب الشمس بل يعني انه بمجرد ان تحقق غروب الشمس واعلن عن ذلك فان على الصائم ان يفطر ثم يصلي بعد ذلك، ومن الافضل صحيا ان يعجل الصائم بالافطار لئلا يصاب الجسم بهبوط عام، واسهال واضطراب ، فالجسم بحاجة عاجلة الى ما يعوض النقص الذي يحدث في سكر الدم نتيجة الصيام وهو بحاجة كذلك ان يعوض ما فقده من ماء في نهار رمضان حتى يزول عنه الظمأ وتبتل لديه العروق .

ومن الاعتقادات الخاطئة عن الصيام ايضا ما يدعيه بعض الصائمين خاصة النساء منهن من ان نقص تناول الماء في رمضان يؤدي الى جفاف البشرة ، وهذا غير صحيح حيث ان البشرة تكتسب رطوبتها من ماء الجسم وكذلك اثناء السحور خاصة اذا تجنب الانسان الوضوء بماء ساخن.
ومن الاخطاء الصحية .. فعلى البدناء تجنب المشروبات المحلاة الذي يؤدي الافراط في تناولها خصوصا عند حلول شهر الصوم في الصيف الى حصول جسم الصائم على سعرات حرارية كثيرة من اغذية تساهم فقط في تزويد الجسم بالسكر دون سواه من عناصر غذائية . ولذا يفيد البدناء الابتعاد عن تناول المشروبات الصناعية المحلاة بالسكر واستعمال احد بدائل السكر ، مثل اسبارتم او السكارين في تحلبة المشروبات الساخنة والباردة كالشاي والقهوة ، وتناول عصائر ثمار الفواكه الطازجة عوضا عن الصناعية منها عند الرغبة في ذلك . وكذلك علينا الابتعاد عن تناول فطائر السمبوسك التي توفر سعرات حرارية كثيرة حوالي (500 سعر ) لكل 100غرام ، ويؤدي تناولها مع الاغذية المحمرة بالزيت والسمن الى حصول الصائم على طاقة حرارية زائدة تتحول الى دهون تخزن في الجسم ، وهذا له اضراره بشكل خاص على اجسام الاشخاص زائدي الوزن .
اما الحلوى فتوفر سعرات حرارية كثيرة فتصبح سبيلا لحصول الشخص على طاقة حرارية تفيض عن احتياجات الجسم فتتحول الى دهون تضاف الى وزنه ، خصوصا في ظروف قلة النشاط البدني طوال ساعات النوم خلال نهار رمضان . ويفيد استبعاد الحلويات من وجبة السحور في تأخير الشعور بالعطش في اثناء الصيام ، لان السكر فيها يشابه في تأثيرة الملح في رفع مستوى الضغط الاسموزي للدم ، والذي يثير بدوره مركز الشعور بالعطش بالهيبوثلامس في المخ فتظهر الرغبة في شرب الماء . وعلينا ايضا الابتعاد عن المياة الغازية اثناء طعام الافطار والسحور لانها تسبب تفريغ المعدة من محتوياتها ، ومن ثم سرعة احساسه بالجوع ، ناهيك من خروج هذا الطعام من معدته ولو قبل اكتمال هضمه فيها . وكذلك الابتعاد عن الاكثار من الملح ، لانه يؤدي امتصاص ملح الطعام في الامعاء الى رفع الضغط الاسموزي للدم والسوائل داخل الخلايا ، ويسبب اثارة مركز الاحساس بالعطش في الهيبوثلامس بالمخ فيشعر الشخص بالظماء والرغبة في شرب الماء .
ولذلك من المفيد عدم الاكثار من استعمال الملح في تحضبر اطباق طعامي الافطار والسحور ، والاقلال من تناول الاغذية المملحة كالمخللات والمكسرات المالحة ، وعدم استعمال مقادير كبيرة من الملح في مائدة الطعام ، وكذلك الاقلال من الاغذية الغنية بعنصر الصوديوم مثل مرق اللحوم والدجاج في الطعام خصوصا في وجبة السحور لانها تزيد حدة الشعور بالعطش خلال ساعات الصوم . ومن هنا دعونا نأخذ افطار الرسول عليه الصلاة والسلام عبرة وموعظة لنا كصائمين بمعايير اسلامية وصحية.

شهر كريم .. وعيد سعيد ..؟

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه