الفقر الفعلي يَظهر جلياً .. في قدرات المسؤولين

Husam16 مارس 2023آخر تحديث :
الفقر الفعلي يَظهر جلياً .. في قدرات المسؤولين

عوض ضيف الله الملاحمه

أعزائي القُراء الكِرام ، الكل يعلم ان الفقر أنواع : فقر في القدرات ، وفقر في الإمكانات ، وفقر في المعلومات ، وفقر يعني الجوع والعوز ، وغيرها .

الفقر في القدرات يعني ان تكون قدرات المسؤول الربانية والمكتسبة ضحلة ، أي فقيرة ، اي ان رب العباد لم يُنعِم عليه بقدرات ذهنية تتيح له الإنتاج والإبداع والتفاعل ليُعطي ويُبدع . والفقر في الإمكانات : توصف لمن لديه إمكانات وهبه الله إياها ، لكن لا تتوافر لدية إمكانات مادية وفُرص ليُظهِر إبداعاته وإمكاناته . والفقر في المعلومات تُطلَق عندما يكون لدى الشخص قدرات وإمكانات جينية ومكتسبة ، لكنه لا يُجهد نفسه في الإطلاع ليحصل على المعلومات التي تُثري قدراته ، وتعزز إمكاناته ، بسبب ميله للجهل ، وبعده عن حُب المعرفة . والفقر بمعنى العوز ، والجوع ، والإملاق . وهناك خطوط وحدود للفقر ، مثل : دون خط الفقر ، والفقر المدقع ، الى ان نصل الى الفقر الذي يُجبر الفقراء على النبش في الحاويات بحثاً عن كِسرةِ خبز ملوثة ، ومغموسة بفقد الكرامة .

تساؤل يتكرر لديّ : من أين يأتون بكبار المسؤولين في وطني !؟ وكيف ينتقونهم !؟ وما هي آليات إختيارهم !؟ وهل لكل وظيفة مواصفات ومتطلبات وقدرات ومؤهلات ، أم لا !؟ وهل هناك وصف وظيفي لكل وظيفة خاصة الوظائف القيادية والمتخصصة !؟ وعندما يقع بعض المسؤولين في أخطاء شنيعة ، واضحة لكل ذي لُبّ ، هل السبب محاباة مسؤوليهم !؟ وهل يتبرعون بفضح ضحالة معرفتهم عند التجرأ بالإفصاح عن أرقام ، ليست خاطئة فقط ، بل مُعيبة لتعزيز سياسات التوسع في فرض الضرائب والرسوم !؟ وكأنهم يقولون لكبار المسؤولين ان المواطن يعيش في بحبوحة ، وان شعبنا تعوّد على ( الترِنن ) والشكوى ، فلا تُصدِّقوا شكاواهم .

نُشر الكثير من النصوص ، والفيديوهات والتعليقات ، عن تصريحات لمسؤولين في الدولة منها : ان الفرد الذي يتقاضى مبلغ ( ٦٨ ) ديناراً شهرياً ليس فقيراً !؟

بما ان الإحصاءات تُعتبر عِلماً من العلوم البحته ، التي مدادها الأرقام ، والتي يُشترط فيها ان تكون عالية الصِحة ، وشديدة الدِقة ، لأنه اذا لم تكن كذلك فانها ستؤدي الى إنحرافات خطيرة قد تُدمر أوطاناً ، وتنسفها نسفاً دون ديناميت .

وهنا سألجأ للأرقام لتفنيد بعض التصريحات المُخجلة والمُعيبة في إنحرافها وبُعدها عن الواقع . متوسط حجم عدد أفراد الأُسرة في الأردن ( ٥ ) أفراد . ومعدل عدد أيام الشهر ( ٣٠ ) يوماً . وثمن كغم البندورة ( ٥٠ ) قرشاً . وثمن كغم البصل ( ٦٠ ) قرشاً . وثمن كغم الخبز ( ٥٠ ) قرشاً . وثمن إسطوانة الغاز ( ٧,٥ ) ديناراً تكفي لشهر . وثمن كغم زيت الطهي ( ٣ ) دنانير . وعلبة ملح الطعام الواحدة ب ( ٧٠ ) قرشاً تكفي لشهر .

وهنا سنحسب كُلفة وجبة غداء لعائلة من القلاية ( الگذابة ) ، أي بدون لحمة ، والتي تحتاج الى ، ومكونة من :— البندورة ، والبصل ، والزيت ، والغاز ، والخبز ، والملح . حيث ستحتاج الى ( ٤ ) كغم بندورة تساوي ( ٢ ) ديناراً ، و ربع كغم بصل ( ١٥ ) قرشاً ، و ( ٣ ) كغم خبز تساوي ( ١,٥ ) ديناراً ، و ( ٥٠ ) غرام زيت وتساوي ( ١٥ ) قرشاً ، و ( ٢٥ ) قرشاً غاز ، و ( ٢,٥ ) قرشاً من الملح .

وعليه تصبح كلفة وجبة واحدة لعائلة من خمسة افراد من قلاية البندورة ( الگذابة ) تساوي (( ٢ + ٠,١٥ + ١,٥ + ٠,١٥ + ٠,٢٥ + ٠،٢ = ٤,٠٧ دينار الكلفة الإجمالية ، تُقسّم على ( ٥ ) أفراد تكون كُلفة الفرد في هذه الوجبة وحدها ( ٨١,٥ ) واحد وثمانون قرشاً ونصف .

وعندما تكون حصة الفرد اليومية ( ٢,٢٦ ) ديناراً من ال ( ٦٨ ) ديناراً شهرياً . وبعد طرح كُلفة حصة الفرد من القلاية ( الگذابة ) التي تساوي ( ٨١,٥ ) قرشاً يتبقى له ( ١,٤٤ ) ديناراً ، ما يتبقى للفرد يومياً لتغطي وجبتي إفطار ، وعشاء ، وماء ، وكهرباء ، ورسوم مجاري ، وملابس ، ومعالجة طبية ، وأدوية ، ومستلزمات مدارس وجامعات ، ومواصلات ، واجور سكن ، وضيافة للضيوف ، ولتغطية متطلبات اجتماعية كثيرة ، وكاز وغاز للتدفئة ، ومعايدات للأخوات والعمات في الأعياد ، ولا أكلوا لحمة ، ولا دحاج ، ولا فواكة ، ولا خضار ، ولا شربوا كاسة شاي ، ولا فنجان قهوة .

هل وصلت ضحالة المعرفة لدى بعض المسؤولين لدرجة انهم لا يعرفون ان متوسط ثمن ساندويشة الفلافل ( ٨٠ ) قرشاً !؟ أنا متأكد من انهم يعلمون ذلك ، لكنهم مُنسلخون عن الواقع ، ولا يهمهم المواطن ولا الوطن .

التفاصيل أعلاه تدل على فقر وضحالة وجهالة بعض المسؤولين الذين لا يتوخون الدقة عند طرح الإحصائيات والأرقام . هنا يكمن فقر الوطن في قدرات مسؤوليه ، عدا عن الفقر الذي يجتاح ما يزيد عن نصف السكان .

ثم لماذا يصل الشعب الى حَدِّ التنازل عن كراماتهم عندما يبحثون عن بواقي الطعام في الحاويات !؟ ولماذا يُقدِم رجلٌ مُسِن على المخاطرة بحياته ليَمُدّ جسده الهزيل ليصل الى قاع إحدى الحاويات في عمان ليلتقط قطعة من الخبز ، مما أدي الى سقوطه في الحاوية على رأسه في البرد القارص مما أدى الى وفاته ، وأكتشفه عُمال الوطن قبل سنوات في إحدى مناطق عمان !؟ هل هو رديء النفس !؟ او انه يجحد النعمة !؟ او انه بخيل على نفسه !؟

مثل هؤلاء ليسوا مسؤولين ، لقد أصابهم مَسٌ من الجنون ، وفقدوا اللين والرحمة والرفق بالمواطن ، وخدعوا مسؤوليهم ، لإن الأرقام سوف تُترجم الى قرارات ، تكون مشوهه وخاطئة ومُنحرفة عن المسار الصحيح الذي توصِل اليه الأرقام الصحيحة .

يُضاف الى ذلك ان هكذا أرقام مُظللة ، تُكذّب إحصائيات وأرقام اعلنتها الحكومات المتعاقبة عن مستوى خط الفقر ، ومراجعاتها المتكررة للحد الأدنى للأجور .. وغيرها . ولو إفترضنا صِحة هذا الرقم الذي أُعلن ، فإن ذلك يعني ان الحكومات الاردنية ليست سخية وحسب ، بل مُفرطة في الرواتب وانها تهدر قدرات الوطن ، وانه يُفترض ان يكون الحد الأعلى للأجور من الغفير حتى الوزير ، لا يزيد عن ( ٦٨ ) ديناراً شهرياً ، لتتمكن الحكومات من سداد ديوننا الناتجة عن جَهل ، وسوء إدارة ، وسوء إختيار ، وعدم إنتماء غالبية المسؤولين .

هكذا تصريحات تؤكد ان سبب فقر الناس يعود الى إفتقار بعض المسؤولين الى الكفاءة ، إضافة الى الرداءة في الأداء والإدارة ، وغياب الإنتماء للوطن . صدق من قال ان بعض المسؤولين تَكبُر بِهِم المناصب ، وبعضهم يَكبُر بالمنصب ، وبعد تركه لموقعه الذي يُشغِله ، دون وجه حَقّ ، يتبدى حجمه الطبيعي . باللهجة الأردنية مِثل ( رِياب المقثاة ) . ( البين طَس ) الوطن والمواطن منذ ان صَغُرَ حجم ، وقدرات ، وكفاءة مسؤولينا . آاااااخ يا وطن ، مسؤوليك أصبحوا عبأً ، بدل ان يكونوا عوناً لك .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه