د. محمد الفقيه
مما يندى له الجبين أن تُدرس الخرافة في مؤسساتنا التعليمية سواء على مستوى التعليم العام أو التعليم الجامعي ….
كم أُصبت بالذهول وأنا احضر موقفا تعليميا في أحدى مؤسساتنا التعليمية والمدرس يعرض فيديو يتضمن مشاهد تمثيلية عن الحسد ، حيث أظهر الفيلم رجلا يدخل إلى جاره وينظر إليه نظرة حسد فيقلب البيت إلى ححيم… نظر إلى التلفاز فاذا بالتلفاز يتعطل… ثم نظر الى المويايل فاذا به يتعطل، نظر الى الأثاث فاذا به يتهاوى، ونظر الى السيارة فاذا هي تتعطل …
وفي أثناء ذلك كان المعلم يؤكد للطلبة خطورة الحسد والعين ويستشهد بآيات من القرآن الكريم ، ومما استشهد به حسد إبليس لآدم فأخرجه من الجنة … وحسد قابيل هابيل فقتله وحسدت قريش الرسول على النبوة فهموا بقتله وإخراجه….
كل هذا والطلبة في حالة ذهول وانبهار وانصات وكأنهم في حالة تنويم مغناطيسي، وكأن كل طالب أصبح يخاف من صاحبه أن يحسده ويصيبه بالعين فيعطل بعض أطرافه.
ومن الجدير ذكره أنه لم ترد آية قرآنية واحدة تتحدث عن تأثير العين والحسد بهذه الطريقة الخرافية ، فكل ما أشار اليه القرآن الكريم هو التعوذ من الحسد بقوله تعالى: …. ومن شر حاسد إذا حسد
فما هو شر الحاسد اذا حسد؟؟
شر الحاسد هو الكراهية والبغضاء وتمني زوال النعمة عن المحسود وقد يتجاوز ذلك إلى تدبير المؤامرات للإيقاع بالمحسود ….، أما أن ينظر الحاسد إلى المحسود فيكسر رجله مثلا فهذا مما لا يقبله شرع أو عقل، وكذلك إبليس حسد ادم عليه السلام ولم يكن من تأثير حسده أن أصابه بالمرض أو الموت؛ ولكن تمثل حسد إبليس لآدم أن حاك له المؤمرات لإخراجه من الجنة وهذا ما حصل، وكذلك لما حسد قابيل هابيل فلم ينظر لهابيل نظرة أدت لقتله وإنما ما قام به قابيل هو التخطيط لقتل هابيل وهذا ما حصل….
فخلاصة القول أنه لا يوجد دليل في كتاب الله تعالى ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم قطعي الثبوت والدلالة على تأثير العين أو الحسد بهذه الطريقة الخرافية.
وإذا كنا حقا نملك هذه القوى الخارقة في عيوننا وأرواحنا لماذا لا نسلطها على أعدائنا؟
لماذا لا نصيب نتن ياهو بالعين؟
لماذا لا نصيب اسرائيل بالعين؟
لماذا لا نسقط طائراتهم وندمر معداتهم بالعين؟
لماذا لا نشل اعضاء اعدائنا بالعين؟
ولماذ لا تُصيب هذه العين إلا المساكين الموحدين أمثالنا؟؟
واذا كنا حقا نمتلك هذه القدرات الخارقة فإنني اقترح أن نؤسس جامعة نسميها جامعة العين والحسد بحيث تستقطب آلاف الطلبة وتكون مهمة هذا الجامعة إعداد وتأهيل هؤلاء الطلبة ليكونوا خريجين مهرة ثم نسلطهم على أعدائنا ويكونوا بذلك قد أراحونا من الموازنات المخصصة للإعداد العسكري التي أثقلت كاهل الوطن .
أما آن لنا أن نحرر انفسنا وديننا وثقافتنا من هذه الخرافات؟؟