السياسات الإقتصادية العالمية، ما بين التضخم والإنكماش

Husam28 فبراير 2023آخر تحديث :
السياسات الإقتصادية العالمية، ما بين التضخم والإنكماش

المستشار الاقتصادي الدكتور محمد عبدالستار جرادات

يمكن أن يعتمد تأثير انخفاض التضخم في الاقتصاد الكلي على معدل الانخفاض، وكذلك مستوى التضخم قبل الانخفاض. فقد يكون للانخفاض السريع في التضخم تأثير أكثر وضوحا على الاقتصاد من الانخفاض التدريجي، خاصة إذا أدى إلى الانكماش، حيث تنخفض الأسعار. أما إذا كان الانخفاض في التضخم تدريجيا وظل ضمن نطاق منخفض نسبيا، فقد يكون له تأثير محدود نسبيا على الاقتصاد الكلي. في هذه الحالة، قد تفوق الآثار الإيجابية للتضخم المنخفض مثل تحسن القوة الشرائية وانخفاض أسعار الفائدة. والآثار السلبية مثل انخفاض النمو الاقتصادي وزيادة عبء الديون.

من ناحية أخرى، يمكن أن يكون للانخفاض السريع في التضخم خاصة إذا أدى إلى الانكماش، عواقب سلبية أكثر خطورة على الاقتصاد ككل. حيث يمكن أن يؤدي الانكماش إلى حلقة مفرغة من انخفاض الأسعار وانخفاض الطلب، مما يؤدي إلى انخفاض الاستثمار والإنتاج والعمالة، الذي قد يؤدي بدوره إلى تراجع اقتصادي مطول. هذا هو السبب في أن البنوك المركزية والحكومات تحاول في كثير من الأحيان منع الانكماش وقد تتخذ إجراءات لتحفيز الطلب ومنع حدوث دوامة انكماشية.

بينما يتحدى السوق فكرة أن الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من تحقيق “الهبوط الناعم”. لم يحصل بنك الاحتياطي الفيدرالي مطلقا في حملته لرفع أسعار الفائدة على “نتيجة إيجابية”. بدلا من ذلك، أدت كل مغامرة سابقة للسيطرة على الأوضاع الاقتصادية من قبل الاحتياطي الفيدرالي إلى ركود، أو سوق هابط، أو بعض “الأحداث” التي تتطلب عكس السياسة النقدية. أو بالأحرى “هبوط صعب”.

 

وبالنظر إلى حدة الحملة الحالية، فمن غير المرجح أن يظل الاقتصاد سالما، حيث تنخفض معدلات الادخار بشكل ملحوظ. والأهم من ذلك، أن زيادة الفائدة تؤثر بشكل مباشر على الأسر التي تعتمد على ديون بطاقات الائتمان لتغطية نفقاتها. في حين قد لا يعتقد المستثمرون أن هبوطا حادا على وشك القدوم، فإن مخاطر الاستهلاك بسبب المديونية وارتفاع الفائدة تشير إلى أنه سيكون هبوطا صعبا حقا. والأهم من ذلك، أن أكثر ما يهم المستثمرين هو إعادة تسعير الأصول بشكل متزامن مع انخفاض الأرباح بسبب الانكماش في الاستهلاك.

بيت القصيد من رفع بنك الاحتياطي الفيدرالي للفائدة هو إبطاء النمو الاقتصادي، وبالتالي تقليل التضخم. على هذا النحو؛ يرتفع خطر حدوث ركود حيث تؤدي معدلات الفائدة المرتفعة إلى تقليص النشاط الاقتصادي. وهنا تكمن المخاطر، نظرا لأن الأرباح لا تزال مرتبطة بالنمو الاقتصادي، فإن الأرباح تنخفض مع ارتفاع أسعار الفائدة. هذا هو الحال بشكل خاص في الحملات الأكثر عدوانية. لذلك، من المحتمل ألا تقوم أسعار السوق بخصم الأرباح بالشكل الكافي لاستيعاب المزيد من الانخفاض.

أعلنت وسائل الإعلام والبيت الأبيض الانتصار بالقول أن العام 2022 لم يشهد ركودا بل تباطؤا اقتصاديا فقط. ومع ذلك، نظرا لتأخر تأثير التغيرات في المعروض النقدي وأسعار الفائدة المرتفعة، فإن المؤشرات واضحة جدا وتشير إلى أن خطر الركود محتمل جدا في عام 2023.

وفي الغالب سيكون المستهلك هو الخاسر الأكبر.

فلماذا تقتصر البنوك المركزية على سياسة رفع الفائدة فقط كوسيلة لكبح التضخم؟ أو تخفيض أسعار الفائدة أو التيسير الكمي لتحفيز النشاط الاقتصادي ومنع الانكماش؟ مع أن هناك عدة وسائل أخرى؛

كالسياسة المالية، فقد تستخدم الحكومات تدابير السياسة المالية مثل زيادة الإنفاق العام أو خفض الضرائب لتعزيز الطلب وتحفيز النمو الاقتصادي. حيث يمكن أن يؤدي زيادة الإنفاق العام إلى زيادة التوظيف، بينما يمكن أن تؤدي التخفيضات الضريبية إلى زيادة الدخل المتاح وتشجيع الإنفاق الاستهلاكي.

سياسة سعر الصرف؛ قد تستخدم الحكومات أيضا سياسة سعر الصرف لتحفيز الصادرات وزيادة الطلب على السلع والخدمات المنتجة محليا، ويمكن القيام بذلك عن طريق السماح لسعر الصرف بالانخفاض مما يجعل الصادرات أرخص وأكثر جاذبية للمشترين الأجانب.

مراقبة الأجور والأسعار، قد تستخدم الحكومات ضوابط الأجور والأسعار لمنع الأسعار والأجور من الانخفاض بسرعة كبيرة. الذي بدوره يمكن أن يساعد في منع حدوث دوامة انكماشية.

الإصلاحات الهيكلية: يمكن للحكومات تنفيذ إصلاحات هيكلية لزيادة الإنتاجية والقدرة التنافسية، والتي يمكن أن تساعد في تحفيز النمو الاقتصادي وتقليل تأثير انخفاض التضخم. قد تشمل هذه الإصلاحات تغييرات في أسواق العمل وأسواق المنتجات والأطر التنظيمية.

هناك فجوة حالية بين تكلفة المعيشة المعدلة حسب التضخم والفارق بين الدخل والمدخرات. فهل سنشاهد تغيير في سياسة الفيدرالي في الإجتماعات المقبلة؟

حفظ الله الأردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه