الشيخ / سليمان السودي الروسان .. أبو رأس

rasha dwairi11 أغسطس 2022آخر تحديث :
الشيخ / سليمان السودي الروسان .. أبو رأس

 

بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه
(( الجزء الثاني والأخير ))

شارك الشيخ / سليمان السودي الروسان في العمل السياسي من خلال عضويته في عدد من الأحزاب التي شهدتها الساحة الأردنية مثل : حزب الإستقلال عام ١٩٢١ ، وحزب الشعب الأردني ، وجمعية أنصار الحق ، وحزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني ، والحزب الوطني الأردني ، وحزب النهضة العربية ، وحزب الجبهة الوطنية . ولابد من الإشارة الى ان تلك الأحزاب كانت أحزاباً حقيقية ، مؤثرة في الساحة ، وكان يُحسب لها ولمواقف رجالاتها كل حساب ، كما انه كانت تتوافر فيها مقومات الأحزاب الحقيقية من فكر ، وإستراتيجيات ، وأهداف سامية ، وشخصيات كاريزمية فاعلة ومؤثرة يُحسب حسابها ولها ثقل وطني وقومي . إرتأيت هذا التوضيح الهام حتى لا تتم مقارنتها بدكاكين اليوم التي يُلهوننا بها ، ويخادعوننا نحن والوطن ، ومع كل الأسف يؤيدهم المتنفعين و (( السحيجة )) الذين لا يحملون من صفات مواقف الرجال شيء .

عاش الشيخ / سليمان السودي الروسان حياة نضالية مليئة بالكفاح من أجل إحقاق الحق ، وحتى يبقى الأردن حُرّاً ، أبياً ، صامداً ، شأنه شأن كوكبة من الأردنيين الأشاوس . وكان الشيخ / سليمان السودي الروسان أحد الزعماء الوطنيين في النصف الأول من القرن العشرين .

قرية سما ، مسقط رأس الشيخ / سليمان باشا السودي الروسان هي إحدى قرى ناحية بني كنانة ، وكان هناك تجانس في التركيبة السكانية للقرية من عدة جوانب ، سواء كانت إجتماعية ، او ثقافية ، او إقتصادية . وقرية سما في الوقت الحاضر هي مقر للواء بني كنانة . وعندما أُنشأت أول حكومة لإربد عام ١٩٢٠ ، تم إفتتاح مدرسة في قرية سما ، وإستقبلت الطلاب الراغبين في الدراسة من عددٍ من القرى المحيطة بها مثل :— كفر جايز ، تُقبل ، فوعرا ، أصعره ، حور ، حريما ، أبو اللوقس ، السيلة ، الخريبة ، وكفر سوم .. وغيرها .

كان للشيخ / سليمان السودي الروسان دوراً كبيراً في محاولة إنقاذ الشيخ / مصطفى الخليلي ، عندما أُلقي القبض عليه وفراره من السجن ، فاستشار الحكام الإداريين وقال لهم : أتوافقون مِلّة الكفر على بطشهم بالخليلي ؟ فطلبوا منه ان يُقدِّم دعوى للمحكمة بانه نهب المواشي ثم يُطلب للمحكمة ويتم الإعفاء عنه ، وقدّم الشيخ / سليمان السودي الروسان الدعوى المتفق عليها مع الحكام الإداريين بخصوص الخليلي ، وقُدِّم الخليلي الى المحكمة في إربد فحكمت عليه بالبراءة ، وأُخلي سبيله . ولعِب الشيخ / سليمان السودي الروسان بالنيابة عن والده سودي أبو راس دوراً في توقيع إتفاق بين نواحي السرو ، والكفارات ، والوسطية في تموز عام ١٩١٩ ، تحت عنوان دفع الضرر وحسم الفساد عنها لحماية نواحيهم من الإعتداءات الخارجية وعلى أثر سقوط الحكومة العربية في دمشق في أعقاب موقعة ميسلون حاول / هربرت صموئيل المندوب السامي البريطاني في فلسطين إقناع حكومته بإحتلال شرق الأردن وإلحاقها بفلسطين ، لكن الخارجية الفلسطينية رفضت ذلك وطلبت منه إقامة إدارة محلية في المنطقة بإشراف عدد من الضباط السياسيين البريطانيين ووافق صموئيل على ذلك ووجه دعوة الى وجهاء منطقة شرقي الأردن للإلتقاء في السلط وجاءت مطالب الأهالي معبرة عن مدى الوعي السياسي . وعلى أثر تشكيل حكومة إربد برئاسة الشيخ / علي خلقي الشرايري عام ١٩٢٠ ، تم تشكيل مجلس إداري تشريعي لتقديم المشورة لرئيس الحكومة وتألف المجلس من : راشد الخزاعي / وسليمان السودي الروسان / ومحمد الحمود / وتركي الكايد / وسعد العلي البطاينة / ونجيب فركوح .

لله در رجالات الأردن المؤسسين الأوائل ، تُبهرك شخصياتهم ، وتأسرك مواقفهم ، وتزداد شموخاً كلما قرأت عن أحدٍ منهم ، تطال الرقاب بذكرهم ، وترتفع الهامات لصلابة مواقفهم ، وتزداد فخراً بإنتمائهم لوطنهم وعروبتهم . وعندما تقارن مواقفهم الرجولية مع الكثير من الأردنيين الآن ، تتلخبط المشاعر ، وتنتكس الهامات والجباه التي كانت مرفوعة ، وتكاد تفقد الثقة بجينات الأردنيين ، وتهبط المعنويات . لكن أيها القاريء العزيز الذي أحترم ، أبداً الأمر ليس كذلك مطلقاً . ما زالت جينات الأردنيين بألف خير ، وما زالت عِزّتهم ، وأنفتهم ، ورجولتهم ، وما زالوا نشامى ، وما زالت النشميات الأردنيات قادرات على إنجاب النشامى الأشاوس ، لكن المُعضلة التي علينا الإلتفات اليها هي وجود خطط مشبوهة ممنهجة لإقصاء كل أردني ما زال يحتفظ بجيناته وأصالته ، وإبعاده عن الساحة ، وإقصائه وعدم السماح له بالظهور ، لأنه حتماً لو أُتيحت له الفرصة لوقف في وجه كل الأوغاد الذين إختطفوا الأردن ، وسلبوه ونهبوه حتى ضيعوه ، و (( صَيَّعوه )) ، حتى دمروه . وهذا هو هدفي الرئيسي — وربما الأوحد — من التشرف بالكتابة عن رجالات الأردن الأوائل كما شيخنا جليل القدر الشيخ / سليمان باشا السودي الروسان ، ابو راس ، العنيد ، الصلب ، شيخ الرجال الذي كان يقصم ظهر كل متخاذل رعديد خَوّارٍ ، جبان ، وضيع القيم .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه