مُتْ فارغاً .. Die Empty

Stocks13 أكتوبر 2021آخر تحديث :
مُتْ فارغاً .. Die Empty

افاق الاخبارية

مُتْ فارغاً .. Die Empty

بقلم : عوض ضيف الله الملاحمه

أرسل لي ابن العم القاضي السابق المحامي الدكتور / حسن موسى الطراونه ، فيديو بعنوان (( مُتْ فارغاً .. Die Empty )) ، للمؤلف الأمريكي / Todd Henry .

العنوان غريب جداً ، لا بل مُفاجيء ، يُربِك السامع في بدايته ، ويزداد غرابة عند معرفة المحتوى . يقول الفيديو :- [[ خلال أحد الاجتماعات المهمة لرجال الأعمال ، سأل مدير أمريكي الحضور قائلاً : ما هي أغنى أرضٍ في العالم ؟ فأجابه أحدهم قائلاً : بلاد الخليج الغنية بالنفط . وأضاف آخر : مناجم الألماس في افريقيا . وقال آخر : اليابان بلد التطور والتكنولوجيا . سكت المدير لوهلة وعقّب قائلاً : كل إجاباتكم منطقية ، ولكنها غير صحيحة : (( أغنى مكانٍ على وجه الأرض هي المقبرة )) . تفاجأ الحضور ، وعمّ السكوت ، وأكمل المدير كلامه قائلاً : نعم انها المقبرة أغنى أرضٍ في العالم . لأن ملايين البشر رحلوا اليها ، أي ماتوا ، وهم يَحمِلون الكثير من الأفكار القيِّمة ، التي لم تخرج للنور ، ولم يستفد منها أحدٌ سوى المقبرة التي دُفنوا فيها . هذه الإجابة هي التي ألهمت / تود هنري Todd Henry ، لكتابة كتابه الرائع (( مُتْ فارغاً Die Empty )) . في هذا الكتاب ، بذل هنري قُصارى جهده لتحفيز البشر بأن يُفرغوا ما لديهم من أفكار وطاقات كامنة في مجتمعاتهم وتحويلها الى شيءٍ ملموس قبل فوات الأوان ، وقبل ان تبقى مخبأة في القبور ، دون ان ترى النور ، وللأسف تُصبح مدفونةً تحت التراب . لا تذهب الى قبرك وانت تحمل في داخلك أفضلُ ما لديك ، إختر دائماً ان تموت فارغاً . أحد أجمل العبارات التي حملها هذا الكتاب : (( مُتْ فارغاً )) . تعبيرٌ بليغٌ وجديدٌ وفريد . للوهلة الأولى ظننت انه عادي ، لكن في الواقع له معنىً ومغزىً عميق . مُت فارغاً من هموم الدنيا ، من آلامها ، من المعاصي والآثام ، من كل شيء . صحيح ، ولكن هنري كان يقصد معنىً آخر ، لِمُتْ فارغاً : الخير الذي في داخلك ، سلِّمهُ قبل أن ترحل . إذا كنت تملك فكرة : نَفِّذها ، عِلّم : بلِّغه ، هدف : حقِقه ، حُب : إنشره ووزعه ، لا تكتم الخير في داخلك ، فتموت ممتلأً ، متخوماً ، وتكون لقمةً سائغةً لذيذة لدود الأرض . نعيش كل يومٍ كأنهُ آخر يوم ، نُعطي كلَّ ما نملك ، نبذلُ من الطاقة أقصاها ، ومن العملِ أفضله ، ومن الإبداعِ اروعه ، نكون مُلهِمين فرحين ، مُتفائلين ، نسعى ان نكون فارغين حتى تسمو أرواحنا وتحلّق عالياً . أعتقد اننا جميعاً نزِن آلآف الأطنان من الخير ، والعطاء ، والإبداع ، والحب ، والأمل . لم نُعطِ الاّ القليل ، ولعلنا نُصنّفُ بالبخلاء . كم اتمنى ان ننهض ونبدأ بالسباق ، لنُعطي ونستخرج كُل ذرة خيرٍ في داخلنا ، ونُخرِج كُلَّ فِكرةٍ للنور . وأخيراً : هل انت فارغ !؟ ]]

تصفحت الكتاب على النت ، ووددت إقتباس الفقرة التالية :- [[ الحث على العطاء ، وإخراج القدرات الكامنة للناس وان تقول : قبل ان أموت سوف أغنّي للملايين ، قبل ان أموت عليّ ان أكتب كتاباً . قبل ان أموت عليّ ان أفهم وأستوعب . قبل ان أموت عليّ ان أُخبر كل الذين أُحبهم بمحبتي لهم . قبل ان اموت أود ان اكون سلاحاً لأحد الفرسان . عليك ان تسأل نفسك : (( كم من الأعمال انجزت هذا اليوم لتفتخر بها غداً !؟ )) ]] . إنتهى الإقتباس .

ارجو ان تركزوا معي على هذا السؤال الهام : [[ كم من الأعمال أنجزت هذا اليوم لتفتخر بها غداً !؟ ]] . أرى ان هذا السؤال هام جداً ، ويمثل مسيرة حياة . لكن في أوطاننا المتخلفة ، هل يُسمح للمبدعين تنفيذ وإنجاز ابداعاتهم !؟ ام يُغرقونهم في إحباطاتهم !؟ المبدعون ، والعلماء ، وأصحاب الفكر الريادي الذين عاشوا ومازالوا يعيشون في وطني الحبيب ، كم مات منهم ، وماتت معهم ابداعاتهم ، والعدد الاكبر تموت ابداعاتهم وهم أحياء يُرزقون . في وطننا يُدفن المبدع هو وأفكاره ، وابداعاته وهو حيٌّ يُرزق . ومن هاجر منهم انقذ نفسه ، وحرر فكره ، ونفذ ابداعاته .

ما أعظم هذه الخلاصة : كم من الأعمال انجزت لأفخر بها غداً !!؟؟ على الانسان ان لا يتوقف عن العطاء والإبداع مهما بلغ عُمره ، وضاقت ظروفه . عليه ان يُطلق العنان لنفسه ، ويحرر فكره ، لان الفكر والعطاء للبشرية جمعاء . وهذا يتطابق مع الحديث النبوي الشريف الذي نصه : (( إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها )) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلّم . في وطننا الحبيب ، من لديهم القدرات في الابداع والعطاء لا تلتفت لهم الحكومات . ومن لديهم اللطف في التعامل وإشاعة البهجة والسرور يمنعهم شظف العيش والعوز والفقر من الافصاح عنها بسبب الشقاء والاجهاد والتعب والمشقة . هذا هو حالنا في وطننا الحبيب ، تتأرجح حياتنا بين الإهمال والتهميش ، وبين التعاسة والشقاء وشظف العيش والعوز الذي يُنسيك الابتسامة ، ويحولك الى انسان تعيس شقي عدواني تكاد تكره حتى نفسك أحياناً . الكُتب كنوز ثمينة ، إنهل ما استطعت ، لانها تُفتِّح الاذهان ، وتوسِّع المدارك ، وتضيف للخبرات ، وتنير الطرقات في الظُلمات .

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

تنويه