الطلاق في الاردن …نسب مرتفعة وحلول مستحيلة للظاهرة الاسوأ في المجتمع

الطلاق في الاردن …نسب مرتفعة وحلول مستحيلة للظاهرة الاسوأ في المجتمع

مقداد:  مؤسسات المجتمع المدني تقدم برامج فكرية تساهم في الوصول الى زواج ناجح

مغالسة : تشتيت ثقافي نتيجة الانفتاح العالمي بواسطة الأنترنت أضعف الثقافة والترابط الاسري

حالة طلاق الكتروني تجتاح المجتمع تتم من خلال الاتصالات الخلوية والرسائل النصية

 جائحة كورونا خفضت عدد حالات الطلاق بنسبة 10.9% عن العام 2019

عمان – آفاق الاخبار/ خاص

ظاهرة الطلاق احدى ابرز الظواهر الاجتماعية انتشاراُ لم تغب خلال جائحة كورونا التي امتدت منذ عام ونصف وساهمت في اختفاء او تقليص كثير من الظواهر الاجتماعية بسبب طبيعة الجائحة وتأثيرها على كثير من مفاصل الحياة.

فقد لوحظ استمرار الظاهرة الاسوأ في المجتمع الاردني بسبب ارتفاع نسبها خلال السنوات الماضية وما خلفته من هدم لحياة زوجية وضياع الابناء ظناً منهم  انها تنهي كثير من المشاكل ، دون تفكير في عواقبه وتبعاته على الأسرة والمجتمع الأردني.

كذلك لم تنجح منظمات المجتمع المدني على اختلاف مرجعياتها بالحد من انتشارظاهرة الطلاق وكبح جماح هذه العادة غير المسؤولة، على ما يبدو، وذلك رغم دعواتها المتكررة للمتزوجين والمقبلين على الزواج بتقديس الحياة الزوجية، ومراعاة استقرار الأسرة، والتمييز بين الأساسيات والكماليات قبل اتخاذ قرار الانفصال والطلاق بحجة عدم الاتفاق.

تأثير ايجابي للجائحة وتراجع لنسب الطلاق

وخلال عام 2020 الذي عرف بعام الكورونا اظهرت سجلات المحاكم الشرعية تسجيل حوالي 17144 حالة طلاق ورغم ان الرقم مرتفع الا انه سجل انخفاض نسبته 10.9 في المائة مقارنة بعام 2019 والذي سجل (19241 حالة طلاق) ، وفقاً للتقرير الإحصائي السنوي 2020 والصادر عن دائرة قاضي القضاة .

ووفقاً للتقرير الإحصائي السنوي عام  2019 والصادر عن دائرة قاضي القضاة، الذي اظهرانخفاض في حالات الطلاق بالعام 2019  نسبته 5.1 في المائة مقارنة بعام 2018 والذي سجل حوالي (20279) حالة طلاق،  وهذا يؤشر الى انخفاض في حالات الطلاق خلال 3 سنوات الماضية الا انه غير كبير وان حالات الطلاق لا تزال مرتفعة في المجتمع .

من جهتها اعتبرت جمعية معهد تضامن النساء الأردني “تضامن”  إن جائحة كورونا أثرت بشكل إيجابي على عدد حالات الطلاق وتراجعت بشكل لافت، فانخفضت الحالات بعدد 2097 حالة طلاق في العام 2020 مقارنة بعام 2019

واشارت الجمعية الى ان التقرير السنوي أظهر أن ما نسبته  20.6 % من الذكور المطلّقين و ما نسبته 46.5 % من الإناث المطلّقات أعمارهم تقل عن 25 عاماً، حيث بلغت اعداد الطلاق بالأرقام بحولي  3970 ذكراً و8947 أنثى تم طلاقهم ضمن الفئة العمرية 15- 25 عاماً.

اطالة فترة الخطوبة وتأخير الزواج لتحقيق التعارف بين المتزوجين لبناء الأسرة بشكل سليم

من جهته اعتبر الامين العام للمجلس الوطني لشؤون الاسرة الدكتور محمد مقداد المجلس الوطني لحماية الاسرة ان ظاهرة الطلاق  ممارسة اجتماعية سائدة في مجتمعنا ، معتبراً ان اولى خطوات الزواج هي كتابة الكتاب او ما يعرف بالعقد والتي تتم بخلال  فترة الخطوبة وهي الاهم في الحياة الزوجية حيث تعطي الانطباع الاول اذا كان هناك تفاهم وتجانس بين الزوجين اضافة الى كونها تعطي المؤشر الاولي لنجاح او فشل الزواج .

واضاف في تصريحات ل(آفاق الاخباري) ان نسب الطلاق التي تتم خلال فترة الخطوبة او ما يعرف قبل الدخول  تشكل اكثر من ثلث حالات الطلاق مما يعني ان عملية الطلاق تمت خلال فترة التعارف وان الزواج لم يكتب له الاستمرار من خلال  النتيجة التي توصل الها المخطوبان .

واشار الى احصائيات التقرير الصادر عن دائرة قاضي القضاة التي بينت  ان نسبة الطلاق قبل الدخول لاخر 4 سنوات شكلت  ما نسبته التراكمية 37% كمتوسط ،  وهي نسبة كبيرة جدا اذا ما تم اسثنائها من نسب الطلاق لانه ما يهمنا الطلاق الذي يأتي بعد الزوج وانجاب الاطفال .

واكد على ضرورة التشيجع على اطالة فترة الخطوبة وتأخير عقد الزواج لأبعد مدة ممكنة  لتحقيق التعارف المطلوب بين المتزوجين وتساهم في استمرار الاسرة وبنائها بشكل سليم اذا ما تم الزواج واذا لم يكن هناك اي تفاهم ووصلت الامور الى الطلاق فاننا امام حالة بسيطة لن تؤثر على بنية المجتمع مستقبلاً من حيث النفقات او رعاية الابناء وغيرها من الامور التي تحدث بين المتزوجين في حالة الانفصال او الطلاق .

واوضح على اهمية الدور الذي تقوم به مؤسسات المجتمع المدني من خلال التحضير للذكور والاناث للزواج من خلال برامج تنموية وفكرية تساهم في الوصول الى زواج ناجح ، مشيداً بدور دائرة قاضي القضاة والتي استحدثت مكاتب الاصلاح والتوفيق الاسري والتي تقوم بدور كبير وفعال بقضايا الشقاق والنزاع  الاسري خاصة التي تأتي الى المحاكم الشرعية .

واكد على دور المكاتب في المساهمة في حل  كثير من المشاكل والخلافات الزوجية  وعدم الوصول الى الطلاق ، اضافة الى القيام بدور توعوي واقامة دورات تأهيلية للمقبلين على الزواج مشيراً الى انه لا بد من بأن يكون هناك دور للمدارس والجامعات من خلال المناهج  والمساقات التي تتعلق بتأهيل الشباب لمرحلة ما قبل وما بعد الزواج .

واشار الى ان اغلب الدراسات التي صدرت من جهات معتمدة تحدثت بان النسب الاكبر من حوادث الطلاق تعود لاسباب عدم التفاهم وعدم الاحترام خلال الحوار بين الزوجين اضافة الى عدم التسامح عند حدوث الخلافات واستمرارها لأيام ، اضافة الى تدخل الاهل سواء اهل الزوج اواهل الزوجة .

واكد بانه لدينا نقص كبير في تقديم خدمات الارشاد بشكل عام والارشاد الزواجي بشكل خاص حيث من المشاكل التي تحدث بين الزوجين لو وجدت الارشاد والتعليم باساليب التعامل الزوجي لما تطورت لهذا الحد مشيراً  انه لو كان هناك تدخل مهني وطلب مساعدة مهنية وان تتوفر هذه المساعدة اعتقد كثير من المشاكل يمكن حلها ومساعدة الزوجين بحل هذه المشكلة.

  الأسرة الأردنية تواجه ضغوطا اقتصادية تتسبب في زيادة الضغوط النفسية

المحامية  مرام مغالسة الناشطة بالشأن النسوي ورئيسة جمعية دعم لتمكين المرأة  ان الاسرة الأردنية تواجه اليوم حالة تشتيت ثقافي نتيجة تزايد سبل الانفتاح العالمي وتنوعها بواسطة الانترنت مما يضعف غلبة الثقافة الاسرية والترابط على ثقافة الفردانية والانعزال  ، وان ذلك يسهم في التباعد الثقافي بين الزوجين ويضعف الرابط بينهما مما يزيد من فرص الانفصال.

واضافت في تصريحات ل (آفاق الاخباري) ان  الاسرة الأردنية تواجه ايضا ضغوطا اقتصادية مزمنة تتأثر بالواقع الاقتصادي العام حيث تشكل الضغوط الاقتصادية أسبابا تزيد أعباء المعيلين من الاسرة وتؤثر على حقوق المعالين منهم مما يتسبب بتركيز افراد الأسرة على احتياجاتهم الأساسية للعيش واعطائها الأولوية وذلك يتطلب جهود مضافة من قبل الزوجين وتتسبب في زيادة الضغوط النفسية وحدة الإشكالات وردود الفعل بينهما.

وأكدت أن الصعوبات الاقتصادية وتداخل الثقافات تهدد أولويات الأسرة بالتغيير بشكل سريع  لا سيما مع ازمة كوفيد 19 مما يتطلب تطوير المؤسسات للخطاب الإصلاحي بين الزوجين بما يلبي الى حد ما احتياجات الاسرة ضمن صيغة توافقية بين الأزواج وبما يضمن استمرار الحياة الزوجية وتحمل كليهما للمسؤولية امام الأعباء المستمرة.

وقالت انه وللأسف لا تشهد إحصاءات الطلاق من عام لعام انخفاضا في النسب رغم زيادة المؤسسات والاقسام التي تعنى بشؤون الأسرة بسبب ضعف التشبيك اليومي والمستمر بين المؤسسات القائمة على إدارة ودعم وتسوية المشاكل الأسرية حيث يفتقر لسلاسة التواصل بين ممثليها بالشكل الذي  يوفر الاستجابة اللازمة لتفهم احتياجات الاسرة وتسوية مشاكل الزوجين.

وأكدت أن التأسيس للحد من الطلاق يتطلب انشاء نظام صلب يعمل على ثلاث محاور هي الوقاية والحماية والتمكين يكون على مستوى من الأداء الفني والمهني بما يحقق فعلا تراجعا ملموسا في نسب الطلاق على المدى البعيد.

واشارت الى ان الأنظمة والقوانين الماسة بحقوق الاسرة والتي تحكمها بشكل أساسي قانون الحماية من العنف الاسري ونظام محاكم الإصلاح الاسري وقانون منع الجرائم وقانون الأحوال الشخصية وقانون العقوبات جميع هذه القوانين بحاجة لمراجعة وإيجاد صيغ توافقية وتوحيد في المصطلحات بما يرفع مستوى الأداء المؤسسي التوافقي ويحقق الصلح الأسري ويحفظ للأسرة روابطها بدون عناء.

الطلاق الالكتروني… استخفافا بقدسية الزواج ام انسجام مع تطور التقنيات الحديثة؟

ولعل من ابرز ظواهر الطلاق في الاردن ما انتشر مؤخراً ما عرف ب الطلاق الالكتروني و الطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة وقد اثار جدلا واسعا بين أساتذة الشرع والاجتماع في الاردن فالبعض يرى فيه استخفافا بقدسية العلاقة الزوجية فيما يعدّه اخرون تماشيا مع التقنيات الحديثة.

وتشير الاحصاءات غير الرسمية بان الاردن يشهد سنويا قرابة 450 حالة طلاق الكتروني معظمها يتم من خلال الاتصالات الخلوية والرسائل النصية،  ورغم ان نسب الطلاق الالكتروني في الاردن ليست بالاعلى بين نسب انواع الطلاق الاخرى الا ان الظاهرة أخذت في التنامي والازدياد وتثير هواجس لدى البعض من تعرض بيوت واسر للدمار بسبب هذا النواع من الطلاق الذي قد يكون فيه نوع من العبث.

Scroll to Top