الاستثمار في زمن الكورونا

آفاق نيوز :

عمرو زكي

فيروس الكورونا الذي كانت بداية انتشاره في مقاطعة ووهان الصينية في منتصف ديسمبر 2019 بدأ في الانتشار عالميا” رغم كل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها السلطات الصحية حول العالم. حتى صباح اليوم, وصل عدد الاصابات إلى 80146 اصابة مؤكدة وعدد الوفيات  2699 موزعة على 32 دولة.

الأسواق المالية تأثرت سلبيا” بشكل كبير نتيجة تفشي الفيروس وذلك لأن العالم أصبح أكثر ارتباطا” ببعضه البعض منذ بداية الألفية. لكن بعض القطاعات تأثرت أكثر من غيرها والبعض الآخر استفاد من تفشي الفيروس.

قطاع الطاقة:
انخفض النفط بحوالي 14% منذ بداية 2020 نتيجة الانخفاض الكبير والمفاجئ في الطلب على النفط ومشتقاته تحديدا” وقود الطائرات. أكبر انخفاض تسببت فيه ثلاث من أكبر ستة مستوردين للنفط في العالم وهم بالترتيب الصين, اليابان وكوريا الجنوبية. أثر ذلك سلبا” على قطاع النفط حيث سجلت أسهم أكبر شركات بالقطاع انخفاضات في الأسابيع التي تلت الإعلان عن الوباء ب 7% لشركة شيفرون و 12% لشركة أكسون موبيل.

قطاع السياحة:
السياح الصينيين يعتبرون من أهم سياح في العالم. توقع بنك أي أن جي خسارة 105-115 مليار دولار للناتج المحلي لدول آسيا فقط نتيجة توقف شبه كامل لحركة السياحة في المنطقة. وصل عدد السياح الصينيين لدول آسيا عام 2018 الى 53 مليون سائح وأهم الوجهات بالترتيب هي تايلاند, اليابان, كوريا الجنوبية, هونغ كونغ, وفيتنام. التأثير سيكون أكبر على اليابان وكوريا الجنوبية حيث يمثل السياح الصينيين 34% و 30% على التوالي من إجمالي السياح القادمين للبلدين.

قطاع السيارات:
الصين مهمة جدا” لقطاع السيارات كونها تصنع 30% من إجمالي السيارات في العالم ولا تكاد تخلو أي سيارة في العالم, حتى الغير صينية الصنع, من قطع غيار صنعت في الصين. في هذا السياق, أعلنت شركة فيات كرايسلر عن احتمالية إغلاق بعض المصانع في أوروبا نتيجة النقص في قطع الغيار التالية من الصين.

انخفضت مبيعات السيارات الجديدة في الصين في أول 16 يوم من شهر فبراير ب 92% بحسب جمعية سيارات الركاب الصينية. هذا الانخفاض الكبير أثر سلبا” على قطاع السيارات عالميا حيث سجل القطاع انخفاض جماعي ب 5.06% بالأمس فقط.

بالمقابل هناك قطاعات استفادت من انتشار الفيروس, أو بالأصح من الهلع المصاحب لانتشار الفيروس.

الملاذات الاستثمارية الآمنة:
مع تخوف المستثمرين من تبعات تفشي فيروس كورونا وغياب بداية النهاية لأنتشاره, بدأ المستثمرون يتجهون صوب الملاذات الاستثمارية الامنة وفي طليعتها الذهب والسندات.
ارتفع الذهب منذ بداية عام 2020 بنسبة 8.92% بالمقابل انخفض العائد على سندات الخزانة الأمريكية بمدة 30 عاما” إلى 1.9% وذلك أدنى مستوى تاريخيا” نسبة للطلب الكبير عليها. والمعروف أن العلاقة عكسية بين سعر السندات وعوائدها.

قطاع الرعاية الصحية:
من منطلق مصائب قوم عند قوم فوائد, استفادت شركات قطاع الرعاية الصحية وخاصة شركات المنتجات الطبية ذات الأستخدام لمرة واحدة ومستلزمات المختبرات. فقد ارتفع القطاع بعد الإعلان عن انتشار فيروس السارس في أول خمسة أشهر ما بين ديسمبر 2002 و أبريل 2003 ب 60% كقطاع.

من الشركات التي شهدت ارتفاعات كبيرة في أسهمها نتيجة تفشي فيروس كورونا  شركة توب قلوف الماليزية حيث أرتفع أسهمها ب 14% في يومين عند إعلان تفشي الفيروس في الصين , 22% منذ بداية العام. أما أكبر المستفيدين هي شركة كاواموتو اليابانية المصنعة الأقنعة الواقية حيث ارتفع سهمها بـ 482% منذ بداية العام.

إذا ما قارنا بين سلوك وأداء الأسواق المالية تاريخيا” بعد انخفاضات مماثلة لما يحدث الان نتيجة هلع من خروج تفشي الفيروس عن السيطرة, نجد أن هذا الهلع من الناحية الاستثمارية, يمثل فرصة جيدة لشراء الأسهم التي انخفضت بدون مبرر يذكر. في عام  2016 أرتفع مؤشر ال SP 500 للأسهم الأمريكية ب 17.45% في فترة ال 12 شهر التي تلت الإعلان عن تفشي فيروس زيكا. و في 2014 أرتفع ب 10.44 بعد تفشي فيروس إيبولا, و ب 17.96% بعد مارز, و ب 35.96% بعد انفلونزا الخنازير عام 2009 للفترة نفسها.

من الناحية الانسانية, هناك أيضا” ما يدعو للتفاؤل هو تعافي 27563 مصاب مما يشير بأن فيروس الكورونا إحصائيا” هو أقل فتكا” بالمصابين من فيروس سارز الذي بدأ في الانتشار بطريقة مماثلة في عام 2003 حيث كانت نسبة المتوفين من المصابين وصلت إلى 10%.

رئيس تنفيذي ومتخصص في أسواق المال العالمية

Scroll to Top