منبر الكلمة

الأردن… صوت العدل والكرامة

القس سامر عازر

قال جلالة الملك عبدالله الثاني المعظّم من الكرك الأبية يوم أمس: “لفينا العالم عشان نحمي مصالحنا وندافع عن قضايا أمتنا”. هذه كلمات تختصر نهج قائدٍ لم يتوقف يومًا عن العمل، وعن حمل رسالة الأردن في وجه كل التحديات. إنها ليست عبارة بروتوكولية، بل تعبير صادق عن جهدٍ متواصل، وعن إيمانٍ عميق بأن الأردن لم يكن يومًا دولة هامشية، بل قلب الأمة النابض وضميرها الحي.

لقد جسّد جلالته في هذه الكلمات معنى القيادة التي تتحرك بالفعل لا بالكلام، والتي تضع مصلحة الوطن أولًا، دون أن تنفصل عن قضايا الأمة وهمومها. فحين يتحدث الملك عن حماية مصالح الأردن، فهو يعني صون الكرامة الوطنية، والحفاظ على أمن واستقرار كل بيتٍ أردني. وحين يقول “ندافع عن قضايا أمتنا”، فإننا نسمع صوت فلسطين في نبرته، ونرى وجع غزة في عينيه، ونلمس إصراره على أن تبقى القدس أمانةً في عنق كل عربي ومسلم ومسيحي مؤمن بعدالة القضية.

لفّ الملك العالم حاملًا هذا الموقف الأخلاقي والسياسي النبيل، مدافعًا عن حقّ الإنسان في الحياة والحرية، وعن حقّ الشعوب في تقرير مصيرها. ففي كل منبرٍ دوليّ، رفع صوت الأردن عاليًا ليقول إن ما يجري في غزة لا يمكن السكوت عنه، وكذلك في الضفة الغربية، وإن الظلم لا يزول إلا بالموقف الحقّ والشجاعة الأخلاقية. لقد كان وما يزال، في زمنٍ تتبدّل فيه المواقف، الثابت الذي لا يساوم، والضمير الذي لا يُشترى.

وفي الوقت ذاته، لم يغفل الملك عن واجبه تجاه الوطن، وهو يجوب المحافظات، يتفقد المشاريع، ويستمع للناس، ويؤكد أن التنمية ليست شعارًا بل التزامٌ عمليّ تجاه المواطن الذي يستحق الأفضل. فالأردن في نظره أسرة واحدة، تتشارك في التحدي وفي الأمل، ويقودها إيمانٌ راسخ بأن الإصلاح والعمل هما السبيل إلى المستقبل.

إن ما قاله جلالة الملك في الكرك يذكّرنا بأن القيادة الحقيقية لا تُقاس بالخطابات، بل بالفعل والإخلاص، وبالقدرة على الثبات في زمن المتغيّرات. ومهما اشتدت الظروف من حولنا، يبقى الأردن بقيادته الهاشمية مثالًا على الوفاء للرسالة والالتزام بالمبدأ، وعلى أن الصغير بحجمه كبير في مواقفه، لأنَّ الكرامةَ لا تُقاس بمساحة الأرض، بل بمقدار صدق من يحميها.

هكذا يبقى الأردن، كما أراده قائده، صوتًا للحقّ والعدل، ومدرسةً في الثبات على القيم، ورسالةَ حبٍّ وسلامٍ في عالمٍ تزداد حاجته إلى الضمير الإنساني.

إن كلمات جلالته من الكرك لم تكن خطابًا سياسيًا فحسب، بل كانت نبضًا وطنيًا صادقًا، ورسالة عزٍّ وفخرٍ بأنَّ الأردن، رغم صِغَر مساحته، كبيرٌ بمواقفه، ثابتٌ على قيمه، وصادقٌ في رسالته الإنسانية والعربية.

هكذا يبقى الأردن، كما أراده قائده، صوتًا للحقّ والعدل، ومدرسةً في الثبات على القيم، ورسالةَ حبٍّ وسلامٍ في عالمٍ تزداد حاجته إلى الضمير الإنساني.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى